ليس وحده النائب ألان عون الممتعض داخل “التيار الوطني الحر”، والذي يحاول خلق هامش خاص به للتحرك. فالمجموعة الخماسية العونية التي تضمه مع النواب الياس بو صعب وابراهيم كنعان وسيمون ابي رميا وأسعد درغام، وان كانت تحاول قدر الامكان ابقاء امتعاضها بعيدا عن الاضواء، فقد باتت كيانا قائما بحد ذاته يزعج رئيس التيار النائب جبران باسيل، الذي يستعين كل فترة بمؤسس “الوطني الحر” رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون.
فبعد الاستعانة به لاقناع الممتعضين بانتخاب الوزير السابق جهاد أزعور رئيسا للجمهورية، آخر الرسائل الحاسمة التي وجهها الرئيس عون لهؤلاء، كانت خلال مقابلته التلفزيونية الاخيرة حين قال “من يكون في التيار يجب ان يلتزم بنظامه، ولا احد مرغم بالبقاء، لكن لا يستطيع ان يكون احد مستقلا داخل الحزب”. جاء موقف الرئيس عون مع تنامي حالة “الاستقلالية” داخل التيار، واعتبار الاسماء الـ٥ السابق ذكرها انها تستطيع ان تتحرك وتصدر المواقف غير المنسقة مع القيادة. ولعل اكثر ما اثار امتعاض باسيل هو تفرد ألان عون بلقاء زعيم تيار “المستقبل” سعد الحريري، واصدار المواقف من “بيت الوسط”، في ظل معلومات عن طلب وفد عوني زيارة الحريري وعدم اعطائه موعدا.
ويتجنب باسيل اتخاذ اي خطوات لمحاسبة الخارجين عن قراره ومن دائرته، تجنبا لخضة جديدة داخل التيار، بعد مساع حثيثة بذلها لرص الصفوف والامساك بالقرار، خاصة مع انتهاء ولاية الرئيس عون لما انتهت اليه. وبات هناك عمليا داخل التيار ٣ مجموعات: مجموعة محسوبة مباشرة على باسيل وتتحدث بلسانه، مجموعة الممتعضين الـ5، ومجموعة منكفئة تراقب من بعيد.
وبحسب مصادر مطلعة “يتكىء رئيس الوطني الحر على تجارب حكمت ديب وزياد اسود وماريو عون ومن سبقوهم، ليقول لمن يغرد وحيدا داخل التيار مصيره سيكون مماثلا لمصير هؤلاء، بمعنى ان من يفقد غطاء التيار والقيادة يفقد حيثيته، ولن يبقى له الا منصات التواصل الاجتماعي للفضفضة”. وتشير المصادر الى ان “الشخصيات السابق ذكرها، وان قررت التمرد العلني، فهي تقضي على اي حظوظ لها بالترشح على لوائح التيار، ولعل الياس بو صعب وحده بات على يقين ان لا مكان له على هذه اللوائح في الانتخابات المقبلة، ما يجعل عودته الى البرلمان امرا صعبا، خاصة ان فرضية ترشحه على لوائح “القوات” او “الكتائب” شبه معدومة، كما ان تشكيله لائحة خاصة به تؤمّن حاصلا سيكون ايضا شبه مستحيل”.
بالمقابل، يسعى ألان عون للاستفادة من موقعه كقريب للرئيس عون للحفاظ على نوع من الاستقلالية من دون اعلان الطلاق النهائي مع باسيل لضمان استمراره في موقعه النيابي، ورغم حيثيته في بعبدا، الا انه وفي حال لم يترشح على لوائح التيار فان حظوظ عودته الى البرلمان شبه معدومة.
اما ابرهيم كنعان وسيمون ابي رميا واسعد درغام فيحاولون ابقاء سقف اعتراضهم منخفضا، للحفاظ على مواقعهم النيابية في الانتخابات المقبلة. وتقول المصادر في هذا الاطار: “اكثر ما يزعج النواب والقياديين هو تفرد باسيل باتخاذ القرارات واكتفاؤه بابلاغهم بها… حتى انه لا يمكن الحديث عن دائرة ضيقة تتخذ القرارات في التيار، فباسيل وحده يبت كل شيء حتى قضايا ذات طابع مصيري، وهو وان قرر بخلاف عادته سماع رأي الآخرين في قراره، لا يأخذ به”.
ولعل تنامي الخلاف راهنا بين حزب الله و “الوطني الحر” في مقاربة ملف غزة، وخاصة بعد دخول الرئيس عون شخصيا على الخط وقوله “اننا لسنا مرتبطين مع غزة بمعاهدة دفاع، ومن يمكنه ربط الجبهات هو جامعة الدول العربية، لكن قسما من الشعب اللبناني قام بخياره، والحكومة عاجزة عن أخذ موقف”… كلامه من شأنه ان يُشغل العونيين راهنا ويجنبهم التركيز على خلافاتهم الداخلية. لكن بالمحصلة، يمكن القول ان الاصوات الاعتراضية العونية ستبقى مكتومة ولا حول لها ولا قوة، لانها تدرك ان وجودها خارج الدائرة البرتقالية، سيعني نهايتها السياسية… والامثلة كثيرة.