كان العونيون يدركون أن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله سيقوم في اطلالته الأخيرة بوضع النقاط على الحروف مؤكدا على متانة علاقته برئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبرئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على حد سواء، وذلك بعد المواجهات «الافتراضية» التي خاضها أنصار الطرفين على شبكات التواصل الاجتماعي. لكن ما لم يكونوا يتوقعونه أن يذهب نصرالله بعيدا في غزل باسيل خاصة بعد حادثتين قيل انهما تركتا أثرا بالغا في العلاقة بين التيار والحزب. الأولى حين دعا باسيل لوضع لوحة عن الانسحاب السوري من لبنان، والثانية حين تحدث من دافوس عن حق اسرائيل بضمان أمنها. ففيما كان أخصام وزير الخارجية يترقبون توجيه نصرالله نوع من رسائل العتب المبطنة لباسيل، فاذا به يتحدث عن صداقة وثقة بينهما تعود للعام 2006 مستشهدا بوثائق «ويكليكس».
ويعتبر قيادي عوني أن ما أدلى به أمين عام حزب الله أبلغ رد على كل الحملات التي طالت باسيل في الآونة الأخيرة وبخاصة لجهة اتهامه بالتماهي مع الاجندتين الاميركية والاسرائيلية، مشددا على ان العلاقة بين الحزب والتيار أعمق من أن تؤثر عليها حملات على مواقع التواصل، الأرجح أن معظمها ينطلق من تل أبيب، خاصة وأن السيد نصرالله كان واضحا تماما حين تحدث عن خطط خارجية لاحداث فراق بين الحزبين. ويشير القيادي العوني في حديث لـ«الديار» الى أن «هناك من حاول اللعب على وتر أن السيد نصرالله قام خلال المقابلة الأخيرة بالفصل بين علاقته بالرئيس عون وعلاقته بالوزير باسيل، لكن اذا ما دققنا بالموضوع تبين بما لا يقبل الشك أن الاعلامي هو الذي فصل في سؤاله في علاقة الحزب بالرجلين، وليس نصرالله من قام بذلك، وللدلالة انه استخدم متوجها الى غسان بن جدو عبارة «باعتبار ان جنابك قسّمتهم». ويضيف المصدر: «آن الأوان لكل العاملين ليل نهار على تصوير علاقة حزب الله بالرئيس عون وكأنها مختلفة عن علاقته بباسيل وكأن الحزب لا يثق بالرئيس الجديد للتيار، ان يخيطوا بمسلة أخرى، فوزير الخارجية هو كان الركن الاساسي الذي عمل على تفاهم مار مخايل وانكب على تمتينه طوال السنوات الماضية، وهو ما تدركه قيادة حزب الله تماما».
ويشير القيادي العوني الى أن «المواقف الداعمة للمقاومة التي يطلقها وزير الخارجية من على المنابر الاقليمية والدولية وآخرها من على منبر القمة الاقتصادية العربية التي انعقدت في بيروت، لم يتجرأ اي وزير آخر على اطلاقها طوال السنوات الماضية، ونعلم تماما أن قيادة حزب الله تعلم ذلك وتقدره تماما، وهو ما ظهر جليا في المقابلة الأخيرة للسيد نصرالله وفي اطلالاته السابقة».
ويبدو واضحا أن قيادة «التيار الوطني الحر» ستتسلح بـ«غزل» نصرالله لمواجهة كل أخصامها، وان كانت تعول على أن يقترن هذا الغزل بأفعال سواء لجهة تقديم حزب الله بعض التنازلات في مسألة تمثيل سنة الثامن من آذار أو ما يُعرف بـ«اللقاء التشاوري» او بموضوع رئاسة الجمهورية المقبلة، كما اظهار نوع من الانحياز لخلافة باسيل الرئيس عون. لكن وبحسب المعلومات، فانه رغم كل غزل نصرالله وثنائه لباسيل فانه حين يتعلق الأمر بالاختيار بينه وبين رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية المقبلة، فهو لن يتوانى عن اختيار حليفه الاستراتيجي اي فرنجية لملء موقع الرئاسة، فما يمثله فرنجية من انتصار لخط المقاومة في المنطقة لا يمثله دون شك باسيل رغم كل مواقفه الاخيرة على المنابر الدولية. وتشير مصادر مطلعة الى أن حزب الله أبلغ فرنجية، بطريقة غير مباشرة، منذ ما قبل انتخاب العماد عون رئيسا أنه سيكون مرشحه التالي للرئاسة ومن دون منازع، وهو ما يجعل الوزير باسيل يعمل جاهدا لقلب هذه المعادلة، سواء من خلال تودده من حزب الله أو من خلال الاعداد لمعركة يُدرك أنه قد يُضطر لخوضها وحيدا لذلك يتمسك بحصوله على الثلث المعطل. وتضيف المصادر:»فما هو بين يدي باسيل اليوم قد لا يكون بين يديه بعد 4 سنوات، ومن يغازله في المرحلة الراهنة قد يكون خصما له عشية المعركة الرئاسية المقبلة، لذلك يُعد رئيس «التيار» أكثر من خطة وسيناريو للتعامل مع المرحلة المقبلة، وهي سيناريوهات تضمن بمعظمها تبوؤه سدة الرئاسة».