هل هي مجرد صدفة أن يتزامن تاريخ تغييب الإمام موسى الصدر مع حدث وطني عظيم يمثل تجسيدا حيّا ورائعا لكل المبادئ والقيم التي نادى بها الإمام الصدر وحمل شعلة رسالته في مسيرة نضاله الطويلة، والنابضة بالشجاعة والشموخ الوطني والقومي؟ هل هي مجرد صدفة أن يتزامن تاريخ تغييبه مع احتفال لبنان بانجاز ملحمة بطولية كتبها أشاوس الجيش اللبناني وأبطال المقاومة بدماء الشهداء وتحرير أرضه وجروده وتطهيرهما من دنس الارهاب التكفيري بعد إلحاق هزيمة مذلة به؟ هل هي صدفة أن يكون شهر آب الذي تمّ فيه تغييب الإمام، هو نفسه الشهر الذي تمّ فيه تحرير وتطهير أرض الجنوب من دنس الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني، وهما والارهاب التكفيري وجهان لعملة واحدة، وإلحاق هزيمة مذلة أيضا بذلك الاحتلال؟ وهل هي مجرد صدفة أن يطلّ الرئيس نبيه بري بما هو وبما يمثل من حمل الأمانة في غياب الأمام، ليزيد هذين الحدثين التاريخيين – تغييب الإمام وتحرير الجرود – ألقا واشراقا؟
الكلمة الشاملة للرئيس بري في هذه المناسبة المزدوجة، كانت بمثابة كتابة فصل في تاريخ لبنان الحديث الذي يتسامى فوق عناصر الضعف وتراكم العيوب والثغر، ليكون فاتحة عصر جديد يطلّ على طموحات بناء دولة المواطنة، وبناء القوة الذاتية بالايمان والارادة والشجاعة، لحصد الانتصارات، وهزيمة أعداء الوطن والشعب، مهما تعاظمت قوى التواطؤ في نصرة الظالم وخذلان المظلوم! كلمة الرئيس بري بلغت ذروة الشفافية في توصيف ظروف تغييب الإمام وما بعدها. كما كانت مثالا في التعبير عن المبادئ والقيم والوفاء للرسالة التي حملها الإمام، وتابعها الرئيس بري وأضاف اليها برؤاه وبمواقفه الشجاعة لحفظ الوطن من الفتن والمكائد، وتعزيز انفتاح مكونات الوطن على بعضها بعضا، وتصويب الاتجاه في المسار الصحيح.
مهما بلغ التباين وحتى التناقض في التوجهات السياسية بين القادة السياسيين في البلد، فالجدير بهم جدولة سجل رؤاهم وأهدافهم بحيث تسمو المصلحة الوطنية على كل ما سواها… وبخاصة في بلد هش مثل لبنان، ومع ذلك يظهر ان ما فيه من نبض الحياة هو أكبر بكثير من الخمول والتلاشي…