IMLebanon

لبنان الصّعب وتفّاحة الثّورة  

 

 

نحن نراهن على الجيش اللبناني، وعلى حكمة قيادته، ومشهد المواجهة بين الجيش ومتظاهري منطقة جلّ الدّيب لا يُرى ولا يستطيع أيّ شعب عربي أن يُشاهده إلّا في لبنان، وبقدر ما تُدهش «تفّاحة الثّورة اللبنانيّة الشهيّة» العالم العربي، خصوصاً الدّول الخائفة من «عدوى» الثّورة، لأنّ الثّورة معدية، لبنان صعب، لا يشبه بلداً، بقدر ضعفه وصغره لبنان مختلف جداً وصعبٌ جدّاً أيضاً، ومن المؤسف أنّ العهد ما يزال ساكتاً وبهذا الصمت هو يُفرّط بلبنان وطناً وشعباً، وكلّ الخوف أن تسبقه الثّورة بخطوات فيكلّفه اللحاق بمطالبها الكثير والثّمن الكبير!

 

وسط هذا التسابق الزّمني بين طروحات ورقة الإصلاح والتّعديل الوزاري والصرخة المستمرّة اللثّورة المطالبة بإسقاط كلّ هذه المنظومة السياسية الفاسدة والمفسدة. جاءت بالأمس تحذيرات مؤسسة موديز وهي مؤسسة تقوم بالأبحاث الاقتصادية والتحليلات المالية وتقييم مؤسسات خاصة وحكومية من حيث القوة المالية والائتمانية التي تسيطر على ما يقارب 40 بالمئة من سوق تقييم القدرة الائتمانية في العالم، من «أنّ الثّقة في قدرة الحكومة اللبنانية على خدمة ديونها قد تتعرّض لمزيد من الضعف من خلال خطتها لإجبار البنوك على قبول سعر فائدة منخفض على ديونها، وأنّ هذه الخطوة قد تضاعف الضغوط على ربط العملات والقدرة على تحمل ديون لبنان على المدى المتوسط، وأنّ ضرائب القطاع المالي الإضافية ستكون سلبية على الائتمان للبنوك، مما يزيد من الضغط على العائدات الضعيفة وقدرتها على امتصاص الصدمات»، تأتي هذه التّحذيرات في لحظة يُراد لنا أن نصدّق أنّ خلاص لبنان هو في ورقة الإصلاح الاقتصادي، ولكن؛ نشكّ في ذلك كثيراً…

 

نعم، لبنان صعب، من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه خرج إلى السّاحات، لا شيء استطاع على مدى الأيام السبعة الماضية أن يفتّ في عزم اللبنانيين «الشّعب العنيد»، كدنا نستسلم لفكرة أنّ الشعب اللبناني أصيب بمتلازمة اللامبالاة، وحذّرنا دائماً من اتّكال المسؤولون عن إيصال اللبنانيين إلى هذه الحال أنّه الشعب سيبقى يدير ظهره لما يحدث، حذّرنا دائماً من لحظة الانفجار الكبير وقد حدث، وقد كان منتظراً.

 

من المؤسف أنّ القيادات السياسية الثلاث للبلد ما تزال عاجزة عن اللحاق باللبنانيين، الذين هذه المرّة تعلّموا الدّرس من تجربة 14 آذار فمنعوا أي نائب أو سياسي من التواجد بينهم قبل أن يقدّم استقالته، هذا الشّعب الصّعب «ما بينضحك عليه» ولا يستطيع أي سياسي أن يخدعه، وربّما علينا أن نقول: «زمن الزّعامات انتهى»!

 

ربّما علينا إعادة تعريف لبنان، وأحبّ تعريفاته وأهمها ما ورد في موسوعة معجم البلدان لياقوت الحموي، في مادّة لبنان: «لُبنَانٌ : بالضم، وآخره نون ، قال رجل لآخر: لي إليك حويْجَةٌ (تصغير حاجة)، فقال: لا أَقْضيها حتى تكون لبنانيّة، أي مثل لبنان، وهو اسمُ جبل (وهو فعلان منصرف) كذا قال الأزهري، ولبنان: جبلٌ مطلٌّ على حمص يَجيءُ من العَرْج الذي بين مكّة والمدينة حتى يتّصل بالشام، فما كان بفلسطين فهو جبل الحمل، وما كان بالأردن فهو جبل الجليل، وبدمشق سنير، وبحلب وحماه وحمص لبنان، ويتّصل بأنطاكية والمصّيصة فيسمّى هناك اللّكّام ثم يمتدّ إلى ملطية وسميساط وقاليقلا إلى بحر الخَزَر فيسمّى هناك القبق.. وقيل: إنّ في هذا الجبل سبعين لسانًا لا يعرف كلّ قوم لسان الآخرين إلا بترجمان، وفي هذا الجبل المسمّى بلبنان كورة بحمص جليلة وفيه من جميع الفواكه والزّرع من غير أن يزرعها أحد، وفيه يكون الأبدال من الصالحين»، ومن عجب الأشياء أن يُقال لنا «لبنان زغير».