تتساءل الأوساط الاقليمية والدولية عما اذا كان لتعيين الادارة الأميركية المبعوث الأميركي الجديد للوضع في سوريا مايكل رتني أي علاقة بتغير الأداء الأميركي حيال الوضع السوري، أو بأي تطورات ممكن أن تطرأ في مجال الحل على الساحة السورية.
لكن مصادر ديبلوماسية في العاصمة الأميركية تفيد ان هذا التعيين لا علاقة له بتطورات محتملة في الوضع السوري، انما يأتي استكمالاً للاهتمام الأميركي بهذا الملف بعدما جرى تعيين المبعوث الأميركي السابق لسوريا دانيال روبنشتاين سفيراً للولايات المتحدة في تونس. وسيتابع رتني التطورات السورية من الخارجية الأميركية، ولن تكون له أية جولات في المرحلة الحاضرة لا في اتجاه سوريا، ولا دول المنطقة. انما قد يستدعي الوضع السوري في مراحل لاحقة بضع جولات، قد يقوم بها هذا المبعوث، وبالتالي التعيين لا يعني وجود تغيير ما في السياسة الأميركية حاضراً حول سوريا، وليس مرتبطاً بسبب محدد جديد.
وتشير المصادر، الى انه من غير الواضح بعد ما اذا كان الوضع السوري سيحتل أولوية أميركية بعد توقيع الاتفاق النووي بين الدول الكبرى وإيران، أم لا.
والموفد الأميركي هو الثالث بعد السفير السابق في سوريا روبرت فورد، وروبنشتاين، وتقول مصادر ديبلوماسية مطلعة، انه من الضروري ان يتم اشغال هذا المركز في الخارجية الأميركية. وانه بعد الاتفاق النووي، ستتم رؤية بعض التغييرات في ملفات عدة في المنطقة حكماً وقد لا يكون ذلك خلال أسابيع انما خلال أشهر. وهذا ما قد ينطبق على ملف رئاسة الجمهورية في لبنان، وعلى الوضع السوري، هناك تطورات ستظهر، من دون ان تكون هناك حصراً حلول نهائية للملفات لا سيما في الملف السوري.
فالدور التركي يتطور في الموضوع السوري من حيث اقامة المنطقة العازلة وهذا يتم بالتنسيق مع واشنطن. والولايات المتحدة ستستخدم قاعدة انجرليك التركية، لتوجيه ضربات ضد الارهاب في المنطقة. فضلاً عن ثمن ذلك لتركيا التي هي أيضاً يهمها ضرب الأكراد، بحيث ان أي تنسيق بين الأكراد في العراق وسوريا، وتركيا على الحدود مع سوريا، سيكون فيه تهديد لها ويضرّ بها، ويؤدي الى أزمة للرئيس رجب طيب اردوغان.
الخطوة الاستباقية التركية تتم بدعم أميركي وتطور في الموقف، هذا فضلاً عن رغبة تركيا بضرب «داعش»،
والمنطقة الآمنة، تعني ان المعارضة السورية ستكون الرابح الأكبر، اذ ستتمركز في هذه المنطقة، وهذا يُعدّ تغييراً في حد ذاته، انما لا يوجد تغيير جذري في السياسة الأميركية. لكن باتت هناك حرية أميركية أكبر، بعد توقيع الاتفاق مع ايران. في السابق، أي قبل التوقيع وأثناء فترة التفاوض، كان هناك خوف أميركي من أن يؤثر أي تطور على الارض، أو بحث في ملفات أخرى، على مسار التفاوض الآن هناك هامش من التحرك لدى واشنطن، من دون أن يعني ذلك تغييراً جذرياً في المواقف. ورتني يُعدّ من الديبلوماسيين النشيطين في الخارجية الأميركية. وتبعاً لذلك ان انتهاء التفاوض، بات سيفاً ذا حدين، فمن جهة جمد الخيار النووي الايراني، والدول دخلت مرحلة ارتياح للاتفاق. وفي الوقت نفسه هناك الآن خطوات محدودة يمكن للغرب اتخاذها. مع أن المجتمع الدولي سيفتح لإيران الأبواب، وبالذات للرئيس حسن روحاني من أجل تعزيز توجهات المعتدلين ولتنمية الاستثمار في ايران.
إذاً ليس هناك من قرار أميركي بعد بإيجاد حل للوضع السوري، وهذا ما يعكس نتائج مشاورات الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي مستورا، لأن الأخير لن يستطيع الخروج بحل إلا اذا جرى توافق أميركي روسي ايراني حول الموضوع. بعد الاتفاق النووي، ليس واضحاً ما هي الأولويات الأميركية، وبالتحديد ما اذا كان الملف السوري اولوية.
وأي نجاح لدى ميستورا في رؤيته يعني ان هناك دعماً دولياً واقليمياً لحل ما في سوريا. وهذا لا يزال مفقوداً حتى الآن. لكن المصادر لا تجزم بأن واشنطن والادارة الحالية برئاسة الديمقراطيين ستكتفي بانجاز وضع حد لبرنامج ايران النووي، ولن تقوم بأن مسعى حيال سوريا. بل تشير الى أن الادارة لن توفر فرصة لتغيير المعادلات على الأرض، لا سيما من خلال دعم المعارضة غير المتطرفة. كما ان الولايات المتحدة ستزيد دعمها لحلفائها في المنطقة، اذا ما زادت ايران دعمها لحلفائها. انما اي منحى من هذا القبيل، يعني ان الصراع في المنطقة سيستعر، وان الحلول لن تأتي على البارد. وهذا ما عكسته جولة وزير الخارجية الأميركية جون كيري على عدد من دول المنطقة، لا سيما لقاءاته مع نظرائه الخليجيين في قطر.
والمسعى الأهم حالياً في الموضوع السوري، يكمن في الاتفاق الأميركي الروسي حول مشروع قرار في مجلس الأمن لتحديد المسؤولية عن استعمال السلاح الكيمياوي. وهذا يُعدّ مدخلاً لإيجاد تسوية أو حل في سوريا. مع العلم ان الأمر يُحرج إيران.