IMLebanon

The Arab Syndrome

يمكن افتراض أي شيء من قادة كوريا الشمالية تجاه الخارج. لكن لا يُعرف ما إذا كانوا قادرين على تدمير بلدهم إذا ما قرر «شعبهم» يوماً ما أنه اكتفى منهم ومن خيراتهم وإنجازاتهم وعبقرياتهم، وآن لهم أن يرتاحوا!

وكان يمكن افتراض الكثير من البراءة الملتبسة والولاّدة للبهرجة الثورية، في أداء هوغو تشافيز وإلى حد ما في أداء خَلَفه أمادو، وهو الأداء الذي أسس لبذور خلافات اجتماعية (فوق طبقية!) بين الفنزويليين، لكن لا أحد يجزم بأن تشافيز سابقاً وأمادو راهناً، يمكن أن يأمرا بتدمير فنزويلا بالطائرات والدبابات والمدافع والصواريخ والغاز السام، وتهشيل شعبها والفتك به وقتل ما تيسر من معارضي النظام وأهلهم وأطفالهم وجيرانهم وأقاربهم إذا ما قرّر هؤلاء أنهم اكتفوا من ثورية ذلك النظام ومن خيراته وإنجازاته وعبقرياته.. وآن لجهابذته أن يرتاحوا!

وكثيرة الأمثلة المشابهة الافتراضية والواقعية، وأقربها إلينا، مثال شاه إيران الذي كانت لديه سطوة أسطورية مطلقة على جيشه الذي كان يُعتبر أحد أقوى الجيوش في العالم، وعلى جنرالاته الذين كانوا يتسابقون على تقديم واجب الولاء له، من خلال الانحناء وتقبيل جزمته.. جزمة الإمبراطور! ومع ذلك، تهيّب ذلك الإمبراطور استخدام ما بين يديه من إمكانات عسكرية وأمنية هائلة ضد الإيرانيين بعد اندلاع ثورتهم عليه.. وآثر الانكفاء بعيداً، والموت بحسرة الخسران والتيه!

.. إلاّ في العالم العربي، حيث تختلف الصورة، ويختلف الأداء. وفي نواحٍ محددة من هذا العالم هي نواحي الأنظمة التي ركبت على أوطانها وأحالتها خراباً يباباً وقاعاً صفصفاً، بداعي ثوريتها وتقدميتها وسعيها إلى مجابهة التحديات الخارجية والداخلية التي تتعرض لها! فمعستها حرفياً، بالأمن والسيطرة والإرهاب وسلوكيات المافيا. وبدّدت ثرواتها وخيراتها وعجزت عن رد أي أذى خارجي عنها، مثلما عجزت عن تنميتها وتطوير بناها التحتية الخدماتية، والفوقية (البشرية!) وصولاً بها إلى التدمير الأسيدي الشامل!

في هذه النواحي من هذا العالم العربي يظهر بدقّة ما يُسمى «العارض العربي» (The Arab Syndrome). وهو مثل اسمه، لم يصب ولا يصيب أقواماً أخرى: لا يوجد مثيل، حرفياً وليس مجازياً، لـ»رئيس» دولة مثل بشار الأسد، في هذه الدنيا. ولم يوجد مثيل لـ»زعيم» دولة مثل الراحل معمر القذافي في هذه الدنيا. ولا يوجد مثيل لـ»قائد» مثل الراحل صدام حسين في هذه الدنيا!

كنت في بغداد في العام 2003 قبل الحرب وخلالها، والتقيت مرة بصحبة مدير مكتب «العربية» هناك يومها الزميل صباح ناهي، مع وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الحديثي في أحد أروقة وزارة الإعلام حيث كان مقرّنا ومقرّ غيرنا من المراسلين العرب والأجانب. ورحنا ندردش عن الوضع ومآلاته واحتمالاته، إلى أن سألته عن «العراق ما بعد» صدام حسين. وطبعاً طرحت السؤال مواربة وبلغة اشتملت على كل الألفاظ الدارجة التي كانت تسبق عادة لفظ اسم صدام آنذاك.. وجاء الجواب حاسماً ومباشراً و»لطيفاً». قال لي ناجي صبري الحديثي بالحرف: وهل تعتقد أنه سيكون هناك عراق بعد (الرفيق القائد) صدام حسين؟!

.. هي ذاتها توليفة «الأسد أو نحرق البلد». وهي ذاتها توليفة القذافي عن «الجرذان» واللحاق بالليبيين «دار دار. بيت بيت. زنقة زنقة»! هي ذاتها مكوّنات ومقوّمات «العارض العربي»!