لا نستطيع في لبنان أن نظلّ عالقين في دائرة إنتحارنا الضيّقة، ولا في خرم إبرة الموازنة والتقشف ووهم الإصلاح وسيدر ولا في «خنقة» العسكريين المتقاعدين وتهديدات عزل بيروت وقطع الطرقات، هذا بلد الحبل فيه فالتٌ على الغارب، وواحدة من أهم النظريات التي تختصره هي نظريّة «فالج ما تعالج»!
وفي الوقت اللبناني الممل لا بأس بالتفرّج قليلاً على المنطقة العربية التي تعيش هذه الأيام تحت رحمة طائرات إيران المسيّرة المتفجرة التي تستهدف مطاراتها، وهي قادرة على إغلاق كل المنطقة العربيّة بهذه الطائرات، وقادرة على إسقاط الطائرات الأميركيّة المسيّرة، فيما عرب الخليج مشغولين «شاهمنامة» العاجزون عن حلّ أيّ من مشاكلهم ينظّرون لحلّ قضية فلسطين، فيما دونالد ترامب العاجز عن تسجيل الحدّ الأدنى من الردّ عن إسقاط إيران لهيبته يهدّد إيران بالإبادة!!
لم تعد تملك إيران إلا خيار الإنتحار، مشروعها يلفظ أنفاسه وإن كان بطريقة مدمّرة، إنسحابها من المنطقة يعني النهاية، بالأساس إيران الخميني بدأت حياتها كدولة بتصدير الإرهاب والتخريب والاضطرابات في المنطقة، هذا نظام لا يعيش إلا على دماء الآخرين، لا يملك الملالي مشروعاً حقيقيّاً غير إراقة الدّماء، ومن المستحيل أن يرضخ وينسحب من كل دول المنطقة التي أمضى أربعين عاماً وهو يستثمر فيها مليارات الشعب الإيراني، لا بدّ من أن تقع أحداث كبيرة تعيد إيران إلى طاولة التنازل لتضيف إلى بنود الاتفاق النووي بنوداً تتعلق بصواريخها الباليستيّة وتمويلها للميليشيات الإرهابيّة وسيحدث هذا عاجلاً أو آجلاً، ستترك إيران لتواجه عقوبات إقتصادية كبرى تخلخل بنية نظامها القمعي، خصوصاً وأنها تعيش تدهوراً وانهياراً تاريخياً في سعر عملتها، حكمة التاريخ تقول لكلّ ذروة انحدار ولكلّ بداية نهاية، ونهاية إيران الخميني آتية لا محالة، وأمام هكذا مشهد «مجمّد» يكاد يقول المرء فلينتحروا!
والاستمرار في لعبة العقوبات وفرض المزيد منها مفيدة في هذه المرحلة لسبب بسيط وهو أنّ الخامنئي لا يستطيع أن يطعم الشعب الإيراني ولا ميليشياته وأحزابه في المنطقة وبيئتها الحاضنة اليورانيوم ولا الصواريخ، وثمن استخدام هذه التهديدات الواهية عسكرياً مساوٍ لتدمير إيران ونهاية نظامه، في هذه المرحلة أقصى طموحات نظام الملالي هو البقاء على قيد الحياة، وفي حال لم يستطع ذلك سيأخذ معه المنطقة إلى جهنّم.. وساءت مصيراً.
أمّا لبنان الغارق في غيبوبته والذي لا يرى أبعد من أنفه القصير، بل لا يرى تحت قدميه ويتجاهل عن سابق تصوّر وتصميم كلّ السيناريوهات التيمن الممكن أن تندلع في المنطقة، التي توزّع عليها الشّرور وإنذارات الحروب ومع هذا الدولة اللبنانيّة عاجز حتى عن طرح سؤال جديّ واحد عن مصير لبنان في حال اندلعت حرب مقبلة ؟!
حتى الآن لم يعد واضحاً من مصدر الضغط على من في المنطقة، ذاتاً المنطقة كلّها قد تنفجر في أي لحظة، وبرغم كلّ رسائل عدم الرّغبة في الحرب يبدو أنّ اندلاع الحرب هو الحلّ الأمثل لمنطقة لا خيارات متاحة لديها إلا في مواجهة «الشيطان الإيراني» الذي يمارس نفس اللعبة منذ عقود فيحني رأسه متى أحسّ بخطورة وجديّة الأمور، ثم يعود «شيطاناً مريداً» يسعى لدمار المنطقة متى انزاح الخطر عن عنقه، مع هكذا أنظمة الحرب هي الحلّ بكلّ أسف مهما كانت كلفتها باهظة وضحاياها أبرياء!