IMLebanon

المنطقة أمام عشر سنوات من النزاع

أمام لبنان والمنطقة أسابيع قليلة حتى يتّضحَ مستقبل المشهد السياسي، والنظام الإقليمي المنتظر. الموعد في نهايات آذار المقبل حيث من المتوقّع خروج إيران مع مجموعة (5+1) باتّفاق مبدئي. وفي حال لم يحصل هذا الاتفاق، فإنّ الأمور ستأخذ طابعاً تصعيدياً.

يَروي ديبلوماسي أوروبي لعدد من زائريه، أنّ الاتفاق بين إيران والغرب كان على وشَك الإنجاز في جولة المفاوضات السابقة، وأنّ الأجواء في مسقط كانت أكثر من ممتازة، ولكنّ خطباً أميركياً ما، أدّى إلى تأخير التوقيع وتمديد التفاوض عسى أن يخرج الجميع بمكاسب.

الأسباب الاميركية، بحسب هذا الديبلوماسي، كانت داخلية متعلقة بضغوط لوبيات النفط والسلاح التي تتعرّض لها الولايات المتحدة. وهؤلاء لديهم رؤية «حربية» للعلاقة مع إيران ولكلّ ما يخصّ الشرق الأوسط.

وقد استجابت الإدارة الأميركية موَقّتاً، حتى تحاولَ تمرير الاتفاق في ربع الساعة الأخير قبل نهاية ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية. وبهذا يكون الرئيس الأميركي قد أنهى عهدَه بحلّ مشكلة تاريخية بين إيران والولايات المتحدة عمرُها عقود. وبالطبع سينعكس ذلك على وضعية الحزب الديموقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وما يليها من انتخابات متعلقة بمجلسَي النواب والشيوخ.

يشير الديبلوماسي عينُه إلى خلاف داخل الإدارة الحاليّة أيضاً. فالرئيس ومعه نائبه ومستشارو الأمن القومي يميلون إلى عَقد اتّفاق قبل نهاية الولاية، ولكنَّ وزارة الخارجية بشخص الوزير جون كيري تُعارض «الإسراع» في «الاعتراف بإيران قوّةً نوويّة وذات نفوذ في الشرق الأوسط»، وتُحيل موقفَها إلى الضغوط التي تمارسها إسرائيل والسعودية وتركيا لمنع حدوث تفاهم إيراني – غربي. ويُعبّر موظّفو الخارجية الأميركية عن هذا قائلين: «الاتفاق مع إيران يعني تركَ حلفائنا بلا غطاء أمام التهديد الإيراني المتنامي».

ويضيف: «في الخارجية الأميركية يحاولون تركَ هذا الملف عالقاً إلى أن تأتي إدارة أميركية جديدة»، ويعلّق على هذا قائلاً: «ماذا لو جاءت إدارة محافظة جمهورية؟ هل سيعاود التفاوض من نقطة الصفر».

الأوروبّيون بحسب هذا الديبلوماسي، لديهم مصلحة في الاتفاق ورفعِ العقوبات عن إيران. ويقول إنّ ثمّة إجماعاً في الاتّحاد الأوروبي على هذا الموقف باستثناء الموقف الفرنسي المستغرَب حتى داخل فرنسا.

فالشركات الأوروبية بدأت تفتتح مكاتب مختصة في السوق الإيرانية، ومِن المتوقع أن تكون سوقاً مزدهرة أمام هذه الشركات بعد عقود من القطيعة. «الإيرانيون عطشَى لكلّ شيء، ونحن وهُم لدينا مصالح اقتصادية هائلة على قاعدة العَرض والطلب».

توقيع الاتّفاق من شأنه أن يتركَ أثراً على الواقع الإقليمي والأزمات الممتدّة من العراق إلى اليمن مروراً بسوريا. منطق الأمور يشير إلى ذلك. أمّا إذا لم يتمّ التفاهم، فسيعود كلّ طرف إلى معادلة تجميع أوراق القوّة والضغط من خارج أطُر التفاوض، ما يعني أنّ المنطقة ستدخل جولات جديدة من النزاع والصدام قبل أيّ عملية تفاوض جديدة، وهذا أمرٌ باتَ يَعرفه الجميع وتدركه واشنطن قبل غيرها.

الحديث مع الديبلوماسي الأوروبي تشَعَّب، ليشملَ معظم الأمور. والبارز كان تركيزه على أهمّية التفاهم مع إيران، وتطمين السعودية وإسرائيل، والشروع بالبحث جدّياً في مكافحة الإرهاب. وهذا الملف بلا شك نقطة تقاطع بين كلّ الدوَل المهتمّة بالأمن والاستقرار في الإقليم والعالم.

يعطي المتحدّث الأوروبي لزائريه موعداً للشروع في ترتيب واقع إقليمي جديد. يتحدّث عن عشر سنوات على الأقلّ من النزاع، ويقول: «يجب أن نبدأ من مكان ما. الشرق الأوسط يتعرّض لزلزال يشبه سقوط الأمبراطورية العثمانية وتفكيكها، والأحداث التي نشاهدها تُذكّر بالمرحلة الانتقالية بين سقوط السَلطنة وقيام «الانتداب»، حيث كانت التعقيدات والمصالح الدولية ترسم الخرائط وتؤسّس دوَلاً جديدة ومنطقة جديدة».