Site icon IMLebanon

الجيش: خطة ثلاثية في مواجهة ارهاب عين الحلوة

 

بعيدا عن الجدل الذي اثارته التحذيرات الدبلوماسية عن عمليات ارهابية وشيكة في لبنان وما خلفته، من ارباك وصل حد التعارض بين الاجهزة الرسمية من جهة، ومن مفاعيل امنية تداخل فيها السياسي بالدبلوماسي، من جهة ثانية، ما اجبر مديرية المخابرات على كشف مستورها من المعلومات استباقا لاي هلع، بدا واضحا للمتتبعين خلال الايام الماضية، ان قيادة الجيش على دراية تامة بحقيقة الاوضاع، من خلال ما عبر عنه العماد جوزاف عون، سواء كلامه في احتفال تكريم الشهداء العسكريين من اليرزة، ام رسالته الى العسكريين من قاعدة رياق الجوية، حيث شدد على ان الحرب مع الارهاب لم تنته وان ربحنا معركة، داعيا لمواجهة ذلك الى البقاء في جهوزية تامة تفترض قواعد لعبة جديدة اساسها العمل الامني الاستباقي.

ومع اندحار الارهاب بوجهه العسكري من الجرود، كان من الطبيعي ان تتحول الانظار الى الرقعة الجغرافية الاخيرة التي ما زالت تشكل وكرا لمن قرر السير في طريق «النصرة» و«داعش» وتوابعهما، متخذا من مخيم عين الحلوة غرفة عمليات  لشن هجمات في الداخل اللبناني، هذه المرة بوجه وعنوان جديدين، «خلية الـ 19» برئاسة المصري فادي ابرهيم احمد علي احمد الملقب بـ «ابو خطاب»، والتي اكدت آخر التقارير الامنية لجوءه الى هيثم الشعبي في حي الطوارئ حيث عمد الاخير الى تأمين الحماية له، فيما علم ان الساعات الماضية شهدت اجتماعا ثلاثيا ضم الخطاب والشعبي وشادي المولوي، الذي يبدو انه قاب قوسين او ادنى من مبايعة «داعش»، عليه فقد توقعت مصادر من داخل المخيم ان تكون الفترة المقبلة حبلى بالمفاجآت في اطار نمط التعاون الامني اللبناني – الفلسطيني الجديد الذي سيكون بالتأكيد لمصلحة المخيم ولاجئيه وكذلك محيطه.

مصادر مقربة من اليرزة اشارت الى ان قيادة الجيش تنطلق في حساباتها وخططها فيما خص موضوع عين الحلوة من مسلمات اساسية في طليعتها عدم رغبتها بحصول اي مجازر او ايقاع ضحايا مدنيين في صفوف اللاجئين الذين باتوا يتحملون ضريبة وجود الارهابيين فيما بينهم، والذين سيكونون عرضة لنكبة ثانية في حال تنفيذ اي عمل عسكري ضد المخيم،من هنا فقد اتخذت كل الاجراءات الضرورية والاساسية لتنفيذ هدف تحرير تلك البقعة من الارهابيين وفقا لمقتضيات المهمة.

وتؤكد المصادر ان الخطر الذي يتم التعامل معه في عين الحلوة مختلف تماما عما واجهه الجيش اللبناني خلال عملية «فجر الجرود»، الامر الذي يفرض بحسب المنطق العسكري والعلمي طريقة تعامل اخرى تختلف عما رآه اللبنانيون عند الحدود الشرقية، من هنا فان كل الكلام عن حشودات عسكرية وانتقال للقوى من البقاع الى الجنوب هو غير دقيق ، كما ان التهويل بالمعركة الوشيكة هو في غير محله، فالوحدات التي شاركت في «فجر الجرود» عادت الى قواعدها، كما ان تحركات الجيش في محيط المخيم انما هي روتينية كذلك تعزيزه لاجراءاته التي بات المقيمون في المخيم يعرفونها جيدا.

واذا كان الخطر الحالي الذي يواجهه الجيش بعد اندحار الارهابيين يتمثل بعدو غير منظور ،تستوجب مواجهته تعاطيا من نوع آخر اساسه العمل الاستخباراتي الذي لم يتوقف يوما، فان خطة اليرزة تقوم في هذا المجال وفقا للمصادر على ثلاث مستويات: الاول، استخباراتي من خلال تفعيل عمل الشبكات الامنية وتجنيد المخبرين والعملاء وصولا الى اختراق تلك الشبكات الارهابية وقد نجحت مديرية المخابرات على هذا الصعيد اكثر من مرة، الثاني، استطلاعي ميداني، هدفه جمع اكبر قدر ممكن من المعلومات الميدانية تحسبا لاي طارئ، في استفادة من تجربة معركة نهر البارد، اما الثالث، فهو استخدام الاسلحة الذكية والتي تساهم في انجاح المهام دون ايقاع اي اصابات.

المصادر التي دعت المواطنين اللبنانيين كما اللاجئين الى الاطمئنان وعدم الهلع، لان الجيش يعرف جيدا كيفية التعامل مع الوضع على الارض، وهو جاهز لهذا النوع من الحروب حيث سيخوض مواجهته وفقا لوسائل القتال غير التقليدية وامام عدو غير تقليدي، فكما نجح في حربه العسكرية سينجح في تحقيق النصر الامني ،خصوصا ان الفترة الماضية بينت بوضوح قدرة هذا الجيش ومؤسسته الامنية على تحقيق الانجازات النوعية التي شهد له بها الجميع، والتي تعززت بعد انجاز الجرود ما دفع بالدول الصديقة الى ابلاغ الجانب اللبناني بان تقديم المساعدات العسكرية لن يتوقف وسيستمر بوتيرة اسرع واكبر.

واكدت المصادر ان قرار المؤسسة العسكرية واضح برفض مبدأ التفاوض مع اي ارهابي من اساسه، من هنا فان كل مرتكب بحق مدني او عسكري لن يكون امامه سوى حلين، اما تسليم نفسه الى القضاء اللبناني لينال المحاكمة العادلة انطلاقا من مبدأ العدالة لا الثار او الانتقام، او الاعتقال، مذكرة بعماد ياسين الذي جرى احضاره في عملية نوعية شهدت لها اهم الاجهزة الامنية حول العالم، من قلب المخيم، متوعدة الارهابيين بان لا احد فوق راسه خيمة وخيارهم يجب ان يكون واضحا، القبر او السجن مهما قصر الزمن ام طال.

هكذا طويت صفحة الانجاز العسكري لتستمر صفحات الكتاب الامني الابيض، حيث لا مجال للتهويل بعد اليوم، فعين الجيش ساهرة لا تنام،وقيادة الجيش واعية لمسؤولياتها وللمخاطر المحدقة،لن تثنيها سكرة وزهوة نصر ولا فكرة وحزن فقدان شهداء، وعسكريون جاهزون على مدار الساعة لاداء واجباتهم وفقا لتعليمات واضحة حدد خطوطها العريضة العماد جوزاف عون، استعدادا لاعلان النصر الكامل والمنجز مع تطهير لبنان من آخر خلية ارهابية بعدما حررت الارض وعادت السيادة اللبنانية اليها.