يحتفل «لبنان الكبير» -في عيده الـ»97» في 2017/8/31- بذكرى تأسيس الجيش اللبناني الــ»72» وسط تداعيات إقليمية، وتغييرات دولية كبرى، وتربص العدو الاسرائيلي بلبنان -(أو الدولة الدينية العنصرية التي تتطلع الى تفتيت «صيغة العيش المشترك» و»دولة المواطنة» في لبنان)- بهدف تسويق أنّ لا «عيش مشترك» بين «الأديان السماوية»، كما يتربص بالدولة اللبنانية «العدو الجديد» -الذي كان قد انهزمت خلية سرطانية منه على أرض لبنان 2007- وهو «الإرهاب المعَوْلم» الذي لا وطن له ولا دين ولا عنوان، والذي هو «خلايا سرطانية» مترابطة ببعضها البعض..
وفي هذه الذكرى، وفي هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي يجتازها لبنان -من دون أن يعرف ما هو غده- نتذكر مع هذه الذكرى، «المحطات التاريخية الكبرى» التي حمى فيها «جيش لبنان»، الشرعية الدستورية»، وحافظ عليها لـ»جميع اللبنانيين» في إطار «الميثاقية الوطنية» ليبقى لبنان «الصيغة الفريدة، وبقي خصوصاً مع قائدين تاريخيين «اللواء فؤاد شهاب» مؤسّس هذا الجيش، و»العماد ميشال سليمان».. وهو الآن أمانة غالية -(لأنه العمود الفقري للدولة اللبنانية، وهكذا هو الجيش الوطني في كل دولة من دول العالم)- في عهدة قائده «العماد جوزيف عون» ابن بلدة «العيشية» الجنوبية، أي أنه ابن معاناة «ابن الجنوب» من غدر العدو الاسرائيلي.
أولى هذه المحطات كانت في 1952/9/17 حينما تسلم قائد الجيش آنذاك «اللواء فؤاد شهاب» السلطة في لبنان -لا عبر انقلاب عسكري كما في بعض الأقطار العربية آنذاك- وإنما تسلمها بـ»قوة الدستور»، حينما تولى رئاسة حكومة الإنقاذ الوطني، فصان الدستور، ورعى إجراء الانتخابات النيابية آنذاك، والتي فاز برئاسة الجمهورية بعدها «كميل نمر شمعون» الذي أطلق عليه في حينه «فتى العروبة الأغر».
والمحطة الثانية كانت في عام 1958، حين كادت «ثورة 1958» -كما اطلق عليها آنذاك- ان تعصف بلبنان، لولا وقوف الجيش موقفاً وطنياً منقذاً لبنان من هذه الفتنة العمياء، ليختار لبنان كله بعدها قائد الجيش «اللواء فؤاد شهاب» في 1958/7/31 كأول رئيس توافقي لـ»لبنان».
والمحطة الثالثة هي التي حمى فيها الجيش «الشرعية الدستورية» كان بعد اغتيال الرئيس «رفيق الحريري» في 2005/2/14، حينما تقدمت مؤسسة الجيش بقيادة «العماد ميشال سليمان» الصفوف، لتصون الدستور، وتحمي الوطن، لأنها كانت «الشرعية الدستورية» القادرة وحدها في تلك الظروف الصعبة والعصيبة، على أن تحفظ أمن «لبنان الكبير» واستقلاله، تحت ظل تغليب «الوسطية والإعتدال» على ما عداها من مصالح واعتبارات.
ورابع هذه المحطات كانت عودة «الجيش اللبناني» في عام 2006 الى الجنوب اللبناني بموجب القرار الأممي 1701 ليكون الأساس في حفظ الأمن والإستقرار في هذا الجزء الغالي من الوطن، ضد أي تحركات عدوانية من قبل العدو الاسرائيلي، وليسهل مهمة قوات «اليونيفيل» في هذا الإطار، وهذا ما أكدت عليه الأحداث فيما بعد.
ثم كانت خامس هذه المحطات إنقاذ «لبنان – الرسالة الحضارية» من الفتنة السياسية – الدينية، والتي حاولت «الفئات الضالة» من مخيم نهر البارد، أن تغتال «لبنان الكبير» بدم بارد، بواسطة التجارة بالدين، إلاّ أنّ إصرار «مؤسسة الجيش» بقيادة «العماد ميشال سليمان»، على وأد الفتنة في مهدها، مهما كانت تضحيات هذا الجيش الوطني، وبهذه الروح الوطنية حمى الجيش «الميثاقية الوطنية»، فبقي لبنان كبيراً في 2007/9/2؛ وكان هذا الانتصار الكبير، الجائزة الكبرى التي فاز فيها «لبنان الكبير» في عيده الـ97.. حيث كان أول جيش عربي يهزم «الإرهاب المعَوْلم» على أرضه.
وسادس هذه المحطات كانت حماية «مؤسسة الجيش» الوطني «لبنان» من ترددات زلزال 7 أيار 2008، هذه الحماية التي مهدت لـ»الشرعية الدستورية» ان تكون أكثر قوة ومنعة، والتي تحصنت قوتها ومنعتها مع خطاب القسم الذي بدأ به قائد الجيش «العماد ميشال سليمان» عهداً جديداً في الحفاظ على «الميثاقية الوطنية» كرئيس للجمهورية -وكثاني رئيس توافقي- حيث استهل عهده مخاطباً اللبنانيين قائلاً: «أدعوكم قوى سياسية ومواطنين الى مرحلة جديدة نلتزم فيها مشروعاً وطنياً، وإلى تفعيل المؤسسات»..
وها هو اليوم يقف صامداً في حماية «الشرعية الدستورية» في العهد الجديد، وحامياً لها ولـ»لبنان الكبير»، في أدق الظروف وأصعبها، ولبنان يخوض «حرب وجود» في آتون التداعيات «الإقليمية – الدولية» ولبنان في «عين هذه العاصفة الهوجاء»، وجيشه بكل «شرف وتضحية ووفاء» يقف صامداً في «عين هذه العاصفة».. وهذا ما عُرف عنه منذ أيام «فخر الدين المعني الثاني» 1572- 1635 صاحب الفكرة الأولى في تأسيس «الجيش اللبناني».. ليكون «الحارس الأمين» في الحفاظ على سيادة واستقلال وأمن لبنان، من أجل الدفاع على مصالح «الدولة اللبنانية» تحت مظلة «الإجماع الوطني» في إطار «وطن واحد.. مصير واحد»…