لبنان يحتفل اليوم بعيد الجيش الذي لم تمنعه ظروف العجز السياسي من صنع معجزة أمنية. وليس تقليد السيوف للضباط الجدد على يد الرئيس ميشال عون، وهو رابع رئيس للجمهورية كان قائدا للجيش، مجرد احتفال رمزي في هذه الأيام بمقدار ما هو تسليم مهام أمنية على أكثر من جبهة. فلا ما نحتفل بعيده هو جيش له دولة كما يقال عن الباكستان. ولا هو جيش يتمرد على السلطة السياسية ويقيم نظاما انقلابيا استبداديا يسميه ثورة. انه حارس النظام الديمقراطي في دولة لها جيش بالمعنى الدستوري، وعمليا في مشروع دولة له جيش. لا بل ان بناء الجيش الذي مرّ بتجارب قاسية جدا يبدو أسرع من بناء مشروع الدولة وأقوى.
والشائع، من دون نقاش جدّي، هو القول إن مظلة دولية فوق لبنان تضمن وتحمي الحدّ المعقول من الاستقرار وسط منطقة تغلي بالحروب والصراعات. والمفهوم، من دون اعلان، هو الحديث عن خدمات يقدمها لبنان للبلدان المضروبة بالحروب والبلدان التي تدير الحروب، بحيث لا مصلحة لمعظم الأطراف في هزّ استقراره. لكن كل ذلك يبقى كلاما في الجو لولا دور الجيش على الأرض. أولا في محاربة الارهاب وخلايا داعش والنصرة وسواهما. وثانيا في ضمان أمن المواطن وأمن الوطن بالمعنى الاستراتيجي.
والسجال مستمر منذ سنوات حول قرار السلم والحرب وسؤال: لمن الأمر؟ لحزب الله؟ للجيش؟ لتعبير الشعب والجيش والمقاومة؟ ولم يجد له حلا عبر سنوات طويلة من الحوار الوطني حول الاستراتيجية الدفاعية. إذ تبين ان الحوار خداع للنفس وللأمم المتحدة التي تطالب بنزع سلاح حزب الله، وهي تعرف الواقع اللبناني، وحاجة البلد الى مقاومة اسرائيل، وحجة المسؤولين التي خلاصتها ان حزب الله صار قوة اقليمية أكبر من قدرة لبنان على معالجتها.
والواقع ان قرار الحرب والسلم يجب أن يكون في يد المؤسسات الدستورية، أي في يد السلطة السياسية الشرعية، لا في يد حزب الله ولا في يد الجيش الذي ينفذ قرار السلطة السياسية. والجيش قادر على الدور الذي يتطلبه الدفاع عن لبنان. قادر على مواجهة الأخطار الحقيقية على البلد والناس والنظام الديمقراطي. ولا معنى لاختراع أخطار أكبر من لبنان إلاّ التشكيك بدور الجيش والبحث عن مبررات لأدوار تتجاوز لبنان.
يقول الجنرال جورج مارشال ان ما يضمن الثقة في القائد والجيش هو ثلاثة: الهدف، النزاهة، والكفاية. وهذه صفات متوافرة في الجيش وقائده الحالي العماد جوزف عون والقائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس العماد ميشال عون.