Site icon IMLebanon

الجيش «يزرع» الأمان بـ «اقتلاع» الإرهاب والفلتان

فتح الجيش في جرود عرسال، الباب على مصراعيه لوضع حد للفلتان الأمني الحاصل هناك ولاقتلاع الإرهاب من جذوره، في خطوة تُمهّد لتحرير كل الجرود اللبنانية وعلى وجه الخصوص بلدة عرسال التي تحاول الجماعات الإرهابية تحويلها إلى وكر لها متخذة من بعض مخيماتها، نقطة انطلاق لتنفيذ عملياتها ضد الجيش والقوى الأمنية واستهداف المدنيين. وفي وقت يُصرّ فيه الجيش على «تنظيف» كل ما يُمكن أن يُصادفه خلف الباب الأمني للجرود من عناصر وعبوات ومخططات، فقد وضع نصب عينيه، بأن الأمور قد تتطلب وقتاً زمنياً غير محدد وجهد إستثنائي بدأ يبرز يوميّاً من خلال العمليات التي يُنفذها بشكل متواصل، بالإضافة إلى المخاطر المتعددة التي يُمكن أن يواجهها أو تُحيط بعمله الجبّار.

منذ انطلاق العهد الحالي، رئاسةً وحكومة، والجيش يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الاستقرار في البلد، مُستمداً دعماً سياسيّاً غير مسبوق من حكومة أجمعت برئاسة الرئيس سعد الحريري، على ضرورة تثبيت الأمن والاستقرار كبند أساسي لانطلاق عملها، مهما كبرت أو صغرت الخلافات السياسية داخلها. وفي طليعة تحقيق هذا المطلب الشعبي قبل السياسي، كان لا بد من توجيه الأنظار نحو الفلتان الحاصل في الجرود على يد الجماعات الإرهابية التي استباحت البلد طولاً وعرضاً وجعلت منه محطة التقاء لعناصرها ونقطة تجمع لكل من أراد إعلان «الجهاد» من اجل إسقاط الدولة ومؤسساتها. ومن خلال هذا الدعم السياسي غير المحدود للجيش، استطاع الاخير أن يحوّله إلى فعل عسكري في الميدان، فراح يوجه الضربة تلو الأخرى لتلك الجماعات في الداخل وفي الجرود، حتى يُمكن القول أو الجزم، بأنه تمكّن من شل قدراتها العسكرية والأمنية بشكل يفوق السبعين في المئة.

كنز من المعلومات في جعبة الجيش. هو وصف دقيق يُمكن الركون اليه من خلال العمليات التي يُنفذها الجيش ضد الجماعات الإرهابية، وقد بدأ هذا الكنز يكبر وتزداد قيمته كمّاً ونوعاً، بعد العملية الأمنية التي نفذها في مخيمات عرسال منذ اسبوعين تقريباً والتي أفضت إلى توقيف رؤوس مدبرة لعمليات إرهابية كانت نُفّذت في السابق وأخرى كانت قيد التحضير. وتؤكد مصادر لـ «المستقبل» أن التحقيقات التي أجريت مع عدد غير قليل من هؤلاء الإرهابيين، أدت إلى اعترافات بالجملة تتعلق سواء بطبيعة عملهم وتحديداً الهرمية التي تتبعها هذه التنظيمات في الأعمال الأمنية والمالية والشرعية.

وبحسب المصادر، فإن العملية الأمنية أمس، والتي تمكّن خلالها الجيش من توقيف عدد من المطلوبين في مخيمات عرسال، إنما جاءت على خلفية الإعترافات التي أدلى بها عدد من موقوفي الأحداث الأخيرة. ومن ضمن الاعترافات أن بعض القياديين في تنظيم «داعش»، يترددون بين الحين والآخر إلى منزل يقع على بعد مسافة غير قصيرة من أطراف بلدة عرسال، حيث يتم فيه التخطيط للأهداف المنوي استهدافها بالإضافة إلى تجهيز العبوات والأحزمة الناسفة. وتشير المصادر نفسها، إلى أن عناصر تنظيم «داعش» في جرود عرسال، باتوا يجدون صعوبة كبيرة في تنقلاتهم وفي عمليات توزيعهم على بعض النقاط بفعل الحصار الخانق الذي يفرضه الجيش عليهم، وبالتالي فقد أصبحت مواقعهم مكشوفة تماماً أمام الجيش وصيداً سهلاً لمدفعيته.

وفي تفنيد منها للعملية الأمنية أمس، لفتت قيادة الجيش- مديرية التوجيه في بيان أمس، إلى أنه «في ضوء المعطيات الأمنية، وتنفيذاً للخطة الإستباقية التي يقوم بها الجيش والتي أدت إلى دهم مخيمات عرسال بتاريخ 30/6/2017، أقدمت قوة من مديرية المخابرات فجر أمس على دهم مجموعة إرهابية موجودة في بلدة عرسال، كانت تعد لتنفيذ عمليات إرهابية»، مشيرة إلى أنه «لدى محاولة أفراد المجموعة الإرهابية مقاومة القوة المداهمة، تصدى لهم عناصر الدورية ما أدى إلى مقتل الإرهابيين السوريين ياسر الغاوي وعاطف الجارودي وتوقيف ثلاثة آخرين، كما تم ضبط 7 عبوات معدة للتفجير وحزام ناسف و50 كلغ من المواد المستخدمة في تصنيع المتفجرات، بالإضافة إلى كمية من الرمانات اليدوية والصواعق».

ويُشار إلى أن الإرهابي الغاوي المذكور، هو الرأس المدبر لعملية التفجير التي حصلت في رأس بعلبك بتاريخ 22/5/2017.

كثيرة هي الأسباب التي تمنح الجيش زخماً ودفعاً للتعامل بحرية ومسؤولية وإستقلالية كعادته، مع الأحداث التي تطرأ على الساحة اللبنانية وتحديداً لجهة التعاطي مع ملف الإرهاب عند الحدود وشبكاته الإرهابية في الداخل والممتدة من الشمال إلى الجنوب. لكن يُسجّل للبلد ككل، أنه للمرّة الأولى في تاريخ لبنان، تلقى المؤسسة العسكرية هذا الاجماع السياسي على دورها بعيداً عن الحسابات الخاصة التي كانت تفرض نفسها في حكومات سابقة. واللافت، أنه ومنذ اللحظة الأولى لسد الفراغ وتشكيل الحكومة، حرص العهد على ضرورة تأمين مظلّة أمنيّة لبقاء معادلة الأمن والاستقرار في الداخل اللبناني في ظلّ حرص الأجهزة الأمنية برمتّها على توفير سلامة وأمن اللبنانيين والسياح، كخطوة أساسية على طريق إخراج لبنان من دائرة الاستهداف المتواصل خصوصاً حقبة التفجيرات الانتحارية التي كان شهدها البلد في مرحلة سابقة.

وبحسب القراءات الميدانية في ما يتعلق بالإنجازات الأمنية التي تحقّقت في البلد، والتي جاءت معطوفة على أوّل تصريح لرئيس الحكومة، والذي أكد فيه العمل على «أولوية تثبيت الأمن»، فقد شكّل التوافق الأمني بين الأجهزة المعنية بنظرة جديدة للعمل تحت إشراف الحكومة ومتابعتها وتنسيق غير مُسبق على الأرض لدرجة أنه في العديد من المرّات، كانت هناك عمليات مُشتركة للأجهزة، قفزة نوعية في عالم الأمن أدت بداية إلى بدء إنهيار منظومة الجماعات الإرهابية مع إنتظار ساعة الصفر المعقودة بيد الجيش وحده، لإنهاء هذا الوجود وإستئصاله بشكل كامل من الجذور في كل الجرود. وهذا كاف لوحده، لدحض تشبيه عرسال بالموصل، ففي جرود الأولى لا وجود للحشود الشعبية ولا للميليشيات المذهبية، وحده الجيش الحائز على ثقة اللبنانيين ودعمهم، المؤهل والمخوّل لتحرير البلد من الإرهابيين.