منذ اليوم الاول لوصوله الى اليرزة، هو القادم من عرسال والعالم باوضاع المؤسسة العسكرية وحاجاتها، شكل العمل على تطوير قدراتها وتعزيزها في اطار الخطة التي وضعتها القيادة العسكرية تماشيا مع التحديات المتوقعة، الهاجس الاكبر لقائد الجيش العماد جوزاف عون، فحقق في غضون اشهر قليلة، خرقا كبيرا ونقلة نوعية على مختلف الاصعدة، ما اكسب اليرزة ثقة وتقدير الجهات الداخلية والخارجية، وعزز من الدعم المخصص، وصل الى حدود تصريح قائد القيادة الوسطى الاميركية بان مخازن الجيش الاميركي مفتوحة امام الجيش اللبناني في حال خاض اي معركة.
وتشير مصادر عسكرية الى ان من ابرز الملفات التي اولتها القيادة عنايتها، وطرقت من اجله ابواب الاصدقاء طلبا للدعم، كان موضوع استكمال بناء الجيش عدة وعديدا، في ظل مشكلة عدم توافر الاعتمادات المالية لتحقيق صفقات سلاح من الخارج، ناجحة في المواءمة بين تحقيق وفر كبير على خزينة الدولة في موازاة رفع جهوزية الوحدات العسكرية التسليحية، كل ذلك نتيجة اعجاب وتقدير عواصم القرار للمؤسسة وتحولها بحسب الخبراء العسكريين الاجانب الى جيش متقدم يستحق الدعم والمساعدة، خصوصا انه حقق انجازات نوعية في الحرب على الارهاب عجزت عن تحقيقها كل جيوش المنطقة الاكثر تسليحا وقدرة، ولعل معركة «فجر الجرود» كانت احد اهم تلك المحطات المشرقة، والتي ستفتح ابواب بناء جيش قوي ومتطور على مصراعيها، بحسب ما تبين المعلومات الواردة الى بيروت من الدول المعنية.
انطلاقا من كل ذلك، والكلام للمصادر العسكرية، شهدت الفترة الماضية، رفعا في مستوى وحجم المساعدات من قبل الدول الصديقة، الاوروبية والعربية التي في مقدمتها المملكة الاردنية الهاشمية، لتبقى في طليعة المانحين الولايات المتحدة الاميركية التي تخطت مساعداتها خلال السنوات الاخيرة اكثر من مليار وستمائة الف دولار، والاهم اجازتها دون اي عراقيل لدول صديقة بتحويل اسلحة اميركية الى لبنان كان سبق واشترتها وخدمت في صفوف جيوشها، بعدما اكدت وزارة الدفاع الاميركية استعدادها لتزويد الجيش بكل ما يلزمه دون اي شروط، للتذكير فان دولا شرقية ايضا عدة كروسيا والصين عرضت تقديم الدعم،لكن الامور بقيت كلها في اطار الكلام والنقاش دون ان تدخل مراحل التنفيذ،كاشفة عن تبرع بكين بعشرة ملايين دولار لمصلحة تطوير نظام الاتصالات في الجيش اللبناني.
وتتابع المصادر ان الجيش اللبناني لم يقفل بابه امام اي مساعدة من اي جهة كانت، وهو اساسا لم يتعرض لاي ضغوط من جهات خارجية او داخلية لرفض اي سلاح مقدم على سبيل الهبة، خلافا لكل ما يجري تداوله في الاعلام بين الحين والآخر، مشيرة الى ان الدول المعنية تدرك تلك الحقيقة جيدا، بنفس مستوى ادراكها لعدم قدرة الدولة اللبنانية المادية واللوجستية على ابرام صفقات تسليح كبيرة، لان شراء اسلحة متطورة يرتب اعباء على كاهل المكلف اللبناني المرهق اصلا، كما ان المهمات المكلف بها الجيش قد لا تفرض حاليا وجود هكذا انواع من السلاح المعقد تكنولوجيا.
واشارت المصادر الى ان معركة فجر الجرود بينت بوضوح للقاصي والداني ان خيار قيادة الجيش التسليحي كان في مكانه، اذ سمح بتحقيق المهمة باقل كلفة ممكنة مادية وبشرية وتحقيق نصر سريع، مستخدما اسلحة اميركية مستعملة وبحالة جيدة، استطاع الجيش بفضل كفاءة فنييه ومهندسيه صيانتها وتأهيلها حيث اظهر الميدان ادائها الممتاز وفعالتيها، موردة في هذا الاطار كيف استطاع مهندسو وفنيو سلاح الجو من تحويل طوافات «اي.يو.اتش1» و«بوما» الى قاذفات قنابل ثقيلة، ما اثار اعجاب الوفود الغربية، كما استطاع الجيش تحوير شاحنات مخصصة لحمل المراكب الى ناقلات للآليات الثقيلة، على سبيل المثال لا الحصر.
والى جانب الولايات المتحدة، لعب الاردن دورا اساسيا في مد يد العون للجيش اللبناني، عبر تزويده باسلحة اميركية ثقيلة، قررت المملكة اخراجها من الخدمة بعدما حصلت على اسلحة اكثر حداثة، منها مدافع «هاوتزر» محمولة من عيار 155، وهي لا تزال مستخدمة حتى اليوم في أهم جيوش المنطقة والعالم، وقد الحقت فور وصولها بالوحدات المنتشرة على الجبهة الشرقية، وكذلك ثلاثون ملالة من نوع «ام 113»، وعشر دبابات «ام.60» منذ خمس سنوات، وقد لعبت تلك المعدات دورا اساسيا في معركة فجر الجرود وتميزت بادائها، والصور التي سبق ونشرت من الميدان تبين تلك الآليات خلال المهام القتالية.
وفي هذا الاطار، ابدت المصادر العسكرية شكرها للقيادة الاردنية على مساعدتها، مشيدة بما سمعه العماد قائد الجيش خلال زيارته الاخيرة لعمان عن قرار المملكة رفع التعاون العسكري بين البلدين وزيادة الدعم للجيش اللبناني، القادر على التعامل مع هذا السلاح واستيعابه في الخدمة بمهلة قياسية، بحسب ما بينت التجارب السابقة.
ودعت المصادر المشككين الى التدقيق في المعلومات والمعطيات، كاشفة قصة دبابات «الـ «ام.60»، التي لا زال قسم منها يخدم في صفوف الجيش الاردني، الذي استبدل جزءا من اسطوله منها بدبابات اكثر تطورا من نوع «ام 1 ابرامز»، اذ عرضت عمان بيعها للبنان بسعر زهيد بعد موافقة واشنطن، بحكم شروط الاتفاقات الموقعة بين الطرفين، على تأهيلها وتجديدها من خلال اضافة بعض التحسينات من نظام رماية متطور واجهزة رؤية ليلية، وجهاز يسمح لها بالرمي اثناء السير.
يشار على هذا الصعيد ان الكثير من الدول تعمد الى تحديث دباباتها كتركيا مثلا التي ابرمت صفقة مع اسرائيل لتحديث دبابات «ام. 60» مماثلة.
واكدت المصادر ان الاتفاق الاولي بين الدولة اللبنانية والمملكة الهاشمية، يقضي ببيع عشرون دبابة، كان سبق لوفد عسكري لبناني مختص ان زار الاردن وعاينها عن كثب، واختارها من بين عدد من الدبابات المجمعة ، قبيل زيارة العماد جوزاف عون،الذي تفقد المشاغل حيث يتم تحديث الدبابات العشرين، ولقائه العاهل الاردني، الذي ابدى استعداده للتعاون دون حدود عارضا رفع عدد الدبابات التي ينوي الاردن بيعها للبنان باسعار رمزية، وهو ما يجري متابعته حاليا في الاتصالات القائمة واللقاءات بين قيادة الجيشين لابرام الاتفاق في وقت قصير، كاشفة عن انه بعد انجاز الصيانة عليها ستكون هذه الدبابات جاهزة للخدمة فورا في الوحدات المدرعة اللبنانية، مشكلة عمودها الفقري، لموازاتها اي دبابة حديثة بحسب الخبراء الاميركيون.
وختمت المصادر بان الجيش اللبناني قيادة وافرادا مستمر في تطوير وبناء قدراته، متكئا على التاييد الشعبي الكبير الذي يحظى به، ودعم السلطة السياسية بكافة مكوناتها، والتي تبذل كل ما في وسعها لتامين التمويل اللازم، فعدى الدعم المطلق من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة الشيخ سعد الحريري، الذي لمس حاجات الجيش خلال زيارته لجرود راس بعلبك والقاع، دون نسيان وزارة المال التي تبدي كل التعاون لتامين ما تحتاجه المؤسسة ضمن الامكانات المتوافرة.
اوساط متابعة رأت في اثارة موضوع تسليح الجيش وخلق الشكوك وايهام الرأي العام بوجود صفقات، اهدافا غير بريئة خصوصا ان ما يحصل تحول الى حملة منظمة على ما يبدو هدفه ضرب صدقية المؤسسة العسكرية وهيبتها بعدما نجح قائد الجيش في خرق جدار «الحصار» الذي كان مفروض، مؤكدة ان الجهات التي تقف وراء تلك الاشاعات والاستهدافات باتت معروفة ومكموشة، فكما سقطت كل محاولات اجهاض الانتصار الذي تحقق في عملية «فجر الجرود»، ستفشل كل محاولات التشويش على الدعم الذي يلقاه الجيش والذي يعزز من قدراته على ضبط الامن وفرض هيبة الدولة، وهو ما لا يرغب به المشككون.
في النهاية يبقى تسليح الجيش على رأس سلم اولويات قيادة الجيش،وهاجس اساسي يحتل صدارة الاهتمام، حيث يزداد الدعم الاميركي المطلق يوما بعد يوم، وما هبة «السوبر توكانو» البرازيلية الصنع والتي تم تجهيزها في اميركا بانظمة اسلحة موجهة بالليزر، التي وصلت الدفعة الاولى منها (طائرتان) على ان يصل الباقي مطلع ايار المقبل، الا خير دليل على ذلك. علما انه سيصار الى استلامها رسميا في 31 الشهر الحالي بحضور وفد عسكري اميركي رفيع سيحضر خصيصا للبنان للمشاركة في الاحتفال الذي سيقام في قاعدة حامات بحضور السفيرة الاميركية، في الوقت الذي يستمر فيه تدريب فريق من الطيارين اللبنانيين في اميركا وفريق من التقنيين الاختصاصيين ايضا.
فهل ما زال من مجال للتشكيك بالجيش؟