التفاف لبناني حول عملية الجيش ضد «داعش» ورفض لمحاولات «حزب الله» الإلتفاف عليه
محاولات وتحركات حزب الله للإلتفاف على تضحيات الجيش اللبناني لن تفلح في تبديد الدور الأساس الذي لعبه في حسم المعارك..
لا شك ان تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع من مسلحي جبهة «النصرة» و«داعش» قد أزاح كابوساً ثقيلاً عن كاهل اللبنانيين وأقفل صفحة سوداوية مقلقة استنزفت جزءاً لا بأس به من اهتمامات اللبنانيين وقدراتهم وأرخت بتداعيات سلبية على الوضع اللبناني برمته طوال السنوات الماضية وكادت في وقت من الأوقات ان تُهدّد السلم الأهلي عندما حاول «حزب الله» أكثر من مرّة توظيف الواقع المضطرب في هذه المناطق للتحريض على بلدة عرسال وضمها إلى ميدان حروبه المذهبية والفئوية بالداخل السوري لتصفية الحسابات المبيتة ضد أبنائها على خلفية استضافتهم للنازحين السوريين الهاربين من ظلم واستهدافات نظام الأسد الدموي ومعاقبتهم لدعمهم وتأييدهم لثورة الشعب السوري ضد حكامه.
هذا الإنجاز الوطني الكبير بتحرير مناطق لبنانية شاسعة من سيطرة التنظيمات المتشددة التي حاولت مراراً إيجاد بيئة آمنة بالداخل اللبناني لتنفيذ خططها الدموية ضد الشعب اللبناني لم يكن ممكناً لولا وحدة الموقف اللبناني وتضامن كل اللبنانيين مع دولتهم والتصدي الحازم للجيش اللبناني وسائر وحدات القوى الأمنية الأخرى بالعمل يداً واحدة في مكافحة ومحاربة كل التحركات والخلايا الإرهابية المنتشرة في كل المناطق بلا هوادة وقطع الطريق عليها ومنعها من تنفيذ خططها الإرهابية ضد الشعب اللبناني.
وقد ظهر بوضوح للجميع بالداخل والخارج ان توحيد القرار السياسي والوقوف وراء الدولة ومؤسساتها واجهزتها كان العامل الأساس والحاسم في تجنيب لبنان ويلات الانزلاق إلى الحرائق والحروب المذهبية التي اشتعلت على مدى السنوات الست الماضية في سوريا وغيرها، في حين فشلت كل خطط وتحركات الأمن الذاتي التي فرضها «حزب الله» على مناطق سيطرته ونفوذه ولم يفلح فيها في منع هذه التنظيمات المتشددة من اختراقها واستهداف أمن النّاس فيها وفي مناطق أخرى مراراً وتكراراً، ولولا تكاتف اللبنانيين مع بعضهم البعض وحتى خصوم الحزب تحديداً ودعمهم لتدابير وخطط الجيش والقوى الأمنية الأخرى لما كان ممكناً مكافحة هذه التنظيمات ووضع حدّ لتحركاتها وخططها بالداخل اللبناني.
ولذلك، أياً كانت المحاولات والتحركات التي يقوم بها الحزب للالتفاف على جهود وتضحيات الجيش اللبناني طوال السنوات الماضية، أكان من خلال الهجوم الاستباقي الذي نفذه تحت شعار «إجتثاث» جذور الإرهاب من جرود عرسال ورأس بعلبك والبقاع بالرغم من علمه المسبق ان الجيش قد اكمل عدته وبات في طور مهاجمة هذه التنظيمات، أو من خلال مفاوضته بعد ذلك لإخراج مسلحي «داعش» من الجرود بعد هروب معظمهم إلى الداخل السوري بفعل الضغط العسكري القوي للجيش اللبناني، كل هذه المحاولات لن تفلح في تبديد ما قام به الجيش والدور الأساس الذي لعبه لحسم معركة الجرود إن كان في عرسال أو رأس بعلبك أو القاع لا سيما الإجراءات والتدابير الفاعلة في محاصرة هؤلاء المسلحين حصاراً مشدداً طوال المرحلة الماضية ومنعهم من فتح أي خط امداد عسكري أو تمويني إلى الداخل اللبناني، الأمر الذي ساهم مساهمة فعّالة في اضعاف القدرة القتالية لهؤلاء المسلحين إلى أدنى حدٍ ممكن وسهل ممارسة الضغط العسكري عليهم.
«الأهم في كل التطورات التي شهدتها عملية تحرير الجرود من مسلحي «النصرة» و«داعش»، ان التحرّك الانفرادي الذي قام به «حزب الله» بداية وتوقف عند منتصف الطريق قبل أن يتعرّض لمناطق تمركز مسلحي «داعش» أو يُطلق عليهم رصاصة واحدة لم يحظ بتأييد شرائح واسعة من الشعب اللبناني وانحصر دعمه ببيئة الحزب والتابعين الذين يدورون في فلكه أو المؤيدين له قسراً، في حين أن المعركة التي خاضها الجيش اللبناني حظيت بإجماع لبناني لافت من أكثرية الشعب اللبناني، وهذا مؤشر واضح على توجه اللبنانيين وتأييدهم للدولة وللجيش اللبناني في المهمات المنوطة به، لتحرير الأرض ومواجهة التنظيمات الإرهابية وبسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية وعدم تحمسهم لتفرد «حزب الله» باستعمال سلاحه كيفما ومتى يشاء وخارج سلطة وقرار الدولة اللبنانية.
ما حصل قد حصل ولا بدّ وأن يوظف إنجاز تحرير الجرود من مسلحي التنظيمات الإرهابية، باتخاذ مزيد من القرارات لتقوية مؤسسات الدولة على اختلافها، وتوظيف الإجماع السياسي والشعبي في مقاربة الملفات الحياتية والضرورية والمباشرة بإيجاد الحلول الملائمة لها، لأنه لم يعد هناك من مبرر لترك هذه الملفات من دون معالجة والاستمرار في تأجيل البت فيها.