IMLebanon

توقيف سفير الامارات في بيروت في مطار بلاده تنفيذاً للعقوبات

على أهمية التطورات الداخلية المتراوحة بين شبه الانفراج في ملف النفايات، و«الانفلاج» في ملف أمن الدولة الذي كاد يطيح بالحكومة امس، وما بينهما من مراوحة في ازمة العلاقات اللبنانية – الخليجية، المتحركة شكلا بعكس الرياح الاقليمية، على وقع هدوء النبرة في الخطاب السياسي وعودتها الى دوائر الحوار الذي شهد جولة جديدة بين حزب الله وتيار المستقبل، احتلت المستجدات الخارجية بوتيرتها المتسارعة الصدارة، في ضوء تأثيراتها المباشرة على الساحة اللبنانية، خصوصا المرتبط منها بالازمة السورية وتسوياتها، في حين يكثر الحديث عن تغيير مقبل على المنطقة من ضمن التسوية الشاملة، ربما لن يطال حدودها، الا انه لا بد ان يشمل أنظمة الحكم داخل كل دولة فتقسم الى اقاليم او فدراليات.

غير ان التوازن السلبي الذي تحكم بازمات المنطقة الرابضة على برميل بارود مشتعل تقول مصادر سياسية متابعة، من سوريا مرورا بالعراق وصولا الى اليمن، في ظل معادلة «لا غالب ولا مغلوب» تصعب الحلول مع سعي كل فريق الى كسر الآخر طمعا بتحقيق الاكثر، ما ابقى النزاعات والحروب في دائرة المراوحة القاتلة ،سمح للدول الكبرى بالدخول على الخط من الباب الواسع ساحبة البساط من تحت اقدام الاطراف الاقليمية المتناحرة، فارضة اجنداتها وحلولها محققة مصالحها على حساب المنطقة وشعوبها، ما فرض على دول الاخيرة اعادة النظر في حساباتها وعلاقاتها على السواء، وهو ما ترجم في كلام وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الذي ابدى استعداد المملكة لفتح صفحة جديدة مع الجمهورية الاسلامية التي ارسلت اكثر من رسالة ود مباشرة وبالواسطة الى ايران.

وبحسب مصادر دبلوماسية غربية فان مجريات الامور والاحداث المتسارعة بشكل دراماتيكي على الساحة السورية ،من انسحاب روسي واعلان «الفدرالية الكردية»،رغم التشويش والغموض في المواقف الدولية، يدفع باتجاه الاقرار بان رياح الصفقة الروسية – الاميركية بدأت تلفح المنطقة، بعيدا من التحليلات والتمنيات السياسية في شأن ابعادها، بعدما بات مؤكدا ان «الثنائي الدولي» رسم استراتيجية الحل للازمة السورية، ومهد لافراج المواقف الاممية العالية السقف التي حذرت من ان لا بديل عن المفاوضات السلمية الا الحرب، ما اعتبر رسالة الى كل القوى الاقليمية الضالعة في الازمةلاعادة حساباتها قبل فوات الاوان.

وتضيف المصادر ان «التوزيعة» باتت واضحة وتكاد تكون كافية لتوضيح الصورة والاتجاه، العراق لشيعة العراق لا لايران، اما في اليمن فاتفاق على حماية الحدود بين الدولتين والتعهد بعدم استهداف الاراضي السعودية وخروج ايران من المسرح اليمني، في ستاتيكو عجز اي طرف عن قلب المعادلة القائمة على الخيار السلمي. امور ترافقت بحسب المصادر الديبلوماسية الغربية مع مواقف مقدرة للسعودية ودورها، اميركية وروسية، على حساب تراجع حماوة الاتصالات بطهران التي بدأت تحس باعادة احياء سياسة الاحتواء ضدها من قبل الجبارين، وهو ما بدأ يشهد ترجمة عملية مرشحة للتظهير اكثر خلال الاشهر المقبلة، .

استنادا الى ذلك، تعرب المصادر عن اعتقادها بأن القطبين الاقليميين، المملكة العربية السعودية وايران، لا بد الا ان يتلقفا القرار الدولي بالانفتاح على بعضهما، خصوصا ان اجتماعات امنية ايرانية – سعودية على مستوى رفيع كانت عقدت منذ مدة في عُمان، واستتبعت بتصريح للرئيس الايراني حسن روحاني اشار فيه الى ان وفدا ايرانيا رفيعا سيزور الرياض، كاشفة عن ان روحاني سيزور السعودية على رأس وفد في النصف الاول من شهر نيسان لاعادة ترتيب العلاقات ومحاولة الالتقاء على نقاط مشتركة حول شؤون المنطقة في ظل الاتجاه الى فرض مشاريع تقسيمية لبعض دولها وانطلاقا مما يرسم دوليا من سيناريوهات توجب على اللاعبين الاقليميين تبديل مواقعهما ومواقفهما ربما، وحجز اماكن في قطار التسويات بالمتاح من اثمان اليوم ، قد لا تكون متوافرة غدا.

واذا كانت ملفات الداخل لا تنفصل عن الملفات الاقليمية، فإن أوساطا سياسية اعربت عن قلقها من امكان انعكاس التطورات المتسارعة سلبا على الوضع اللبناني، من زاوية استخدام البعض الساحة الداخلية مجددا، لمحاولة قلب الاوراق وتعزيز مواقعها بدعم خارجي، بحيث يكون الوضع الداخلي اللبناني مشرعاً على احتمالات لاهتزازات امنية، سواء عبر اللعب على الوتر الحدودي، الجنوبي لافتعال مشكلة مع اسرائيل، او الشرقي في مواجهة «داعش» تحت شعار مكافحة وضرب الارهاب، واهتزازات مرتبطة بالموقف المتأزم مع الدول الخليجية، في ظل فشل كل المحاولات في تأمين زيارة لرئيس الحكومة الى الرياض، خصوصا مع استمرار الاجراءات المتخذة، التي بدأت تاخذ ابعادا داخلية بحق المقيمين في السعودية، اولى تباشيرها توقيف الحسابات المصرفية لكل من صنفته المملكة في خانة المتعاطف مع حزب الله تمهيدا لترحيلهم، والتعاطف يعني تغريدة لصالح الحزب او تأييد له علني أو في جلسة مغلقة، في مقابل توعد الكويت ترحيل المنتمين الى الحزب، وتشدد اماراتي حازم كان ضحيته السفير الاماراتي في لبنان، الذي لم يتمكن من مغادرة مطار بلاده عائدا الى لبنان بعد زيارة عائلية، الا بعد تدخل وزارة خارجية بلاده وايفاد أحد العاملين في المراسم مع كتاب يسمح له بالمغادرة.

في الانتظار يبدو المشهد محيراً، فيما تبقى اسئلة اللبنانيين كثيرة دون اجابة اقله في المدى المنظور.هل يسير لبنان عكس السير؟ ام ان هناك اتفاقاً على اعادته الى مربع «ساحة الصراع» التي طالما كانت وظيفته لسنوات طويلة، في ظل تشاؤم سفراء عرب واجانب من انعكاس كل ما يجري على لبنان.