IMLebanon

التحقيقات مفتوحة على كافة الإحتمالات وعلامات الإستفهام! إغتيال العاروري “رسالة إسرائيليّة بالنار” الى واشنطن؟

 

الردّ المرتقب لحزب الله يفتح نقاشاً في “إسرائيل” حول الثمن

 

لم تكن عملية اغتيال صالح العاروري في الضاحية الجنوبية مجرد انتقام “اسرائيلي” او محاولة كسر لقواعد الاشتباك مع حزب الله، الذي سيجد الطريقة الملائمة للرد، لكن التوقيت يحمل ايضا رسالة “اسرائيلية” الى الولايات المتحدة الاميركية، التي كانت تحاول خلال الايام القليلة الماضية خفض منسوب التوتر في المنطقة وخفض التصعيد، فجاءت العملية لتعيد الامور الى “نقطة الصفر”.

 

لا شك ان ما حصل في منطقة المشرفية خرق امني كبير، وتجاوز للخطوط الحمراء وقواعد الاشتباك القائمة منذ العام 2006، وقد بدأت التحقيقات المعمقة مع الدقائق الاولى لوصول الجهات المعنية الى ساحة الجريمة. ووفقا للمعلومات، تتمحور الاسئلة حيال الاسباب التي دفعت رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد صالح العاروري الى التحرك في مجال مفتوح، والتواجد في شقة سكنية مكشوفة امنيا، وتصعب حمايتها من اي استهداف جوي او حتى عبر عملاء على الارض. مع العلم انه على رأس قائمة المستهدفين بالاغتيال اثر عملية “طوفان الاقصى” التي يعتبر احد مهندسيها مع قائد حماس في غزة يحيى السنوار. فما الذي جعله مطمئنا الى ان تحركاته لا تحتاج الى تفعيل الخطة الوقائية المقرة سلفا، والتي ترافق حركة تنقلاته عادة؟ وهل تعليق القاهرة لجهود الوساطة لتحقيق وقف النار في غزة وتبادل الاسرى احتجاجا على الاغتيال، له علاقة “بفخ” استخباراتي نصبته “اسرائيل” ووقعت ضحيته القاهرة ودفع ثمنه العاروري؟

 

لا اجابات حاسمة حتى الآن، والامور تحتاج الى المزيد من الوقت لتفكيك ألغاز هذا العمل الاستخباراتي الدقيق والمعقد، وقد بدأت محاولات تفكيكه بملاحقة اكثر من “خط”، حيث لا يستثنى اي احتمال، ويتركز الجهد الاستخباري راهنا على معرفة ما اذا كان ثمة عملاء محليين او من داخل حركة حماس، عملوا على تقديم دعم لوجستي ميداني لتحديد تحركات الشهيد ورفاقه، كما يتابع المعنيون احتمال حصول خرق من خلال عملية تتبع الكترونية اعتمدت على تقنيات عالية الجودة تتبعت خطوطا خليوية جرى اختراقها. ولا يهمل المحققون ايضا احتمال حصول اختراق لكاميرات مراقبة موجودة في المنطقة ،من خلال برامج تجسسية يتم الولوج اليها من خلال الشبكة العنكبوتية.

 

والى ان تصل التحقيقات الى نتائج ملموسة، فان الثابتة الاساسية لعملية امس الاول تفيد بان “اسرائيل” تعرف عن سابق تصور وتصميم انها تجاوزت احد اخطر “الخطوط الحمراء” التي سيكون لها ثمن. ويبدو ان الطاقم السياسي والامني “الاسرائيلي” بات مستعدا لدفعه، لانه معني باستعادة الردع بعد الاخفاق الكبير في غزة ، حتى لو تطلب الامر محاولة كسر قواعد الاشتباك التي نجح حزب الله في فرضها بعد حرب تموز 2006. اما الهدف المستجد في توقيت عملية الاغتيال فكان توجيه “رسالة” الى الادارة الاميركية التي بدأت بخطوات عملانية لابلاغ حكومة نتانياهو بان الوقت اقترب من النفاد، وحان وقت “النزول عن الشجرة”، فجاء الاغتيال ليعزز امكانية توريط الولايات المتحدة في حرب شاملة، في ظل قناعة “اسرائيلية” بان ما حصل لن يمر مرور الكرام عند حزب الله.

 

وفي هذا السياق، تعتقد اوساط ديبلوماسية بان عملية الاغتيال اضرت بالمفاوضات التي يجريها الأميركيون والفرنسيون في لبنان منذ الأسابيع القليلة الماضية ، وكان الرهان هو التوصل إلى تسوية عبر الوسائل الديبلوماسية، تمنع الحرب وتسمح لسكان مستوطنات شمال “إسرائيل” بالعودة إلى منازلهم. لكن كل شيء تعطل الآن. اما الخطوة التي اشعلت “الضوء الاحمر” في “اسرائيل” فكانت قرار سحب حاملة الطائرات «جيرالد فورد»، من شرق البحر المتوسط  واعادتها إلى مقرها في فرجينيا. فعلى الرغم من الحديث عن أن أميركا سترسل سفينتين حربيتين من القوة البحرية العاملة جنوب البحر الأحمر إلى شرق المتوسط، فإن ذلك لا يعوض مطلقا رحيل أكبر حاملة طائرات في العالم، ومعها مجموعة السفن المتطورة المصاحبة لها، والتى قامت بالدور الأكبر في حماية “إسرائيل” بعد 7 تشرين الأول من احتمالات توسع الحرب.

 

ووفقا لتلك الاوساط، يعتقد “الاسرائيليون” ان الوقت ليس ملائما لمثل هذه الخطوة الأميركية، حيث ترغب واشنطن في خفض التوتر العسكري في البحر الأحمر والعراق وسوريا، ومنع “إسرائيل” من تفجير الوضع في الشمال مع حزب الله، وجاء اغتيال العاروري من قبل “اسرائيل” ليقول لادارة بايدن انك غير قادرة على تجنب الحرب الإقليمية الكبرى، ولا نزال قادرين على إحراق المنطقة وتوريط واشنطن في النزاع.

 

وفي هذا السياق، قال المحلل العسكري “الإسرائيلي” عاموس هارئيل في صحيفة “هآرتس”، أن خفض الولايات المتحدة وجودها البحري شرق البحر الأبيض المتوسط “لا يبشر بخير”، وهو خبر ليس جيدا “لإسرائيل”، ورسالة الى حكومة نتنياهو بانه ليس لديها حد ائتماني غير محدود في حال اهتزت الثقة بين بايدن ورئيس الحكومة ووزرائه المتطرفين.

 

في الخلاصة، الجريمة لن تمر، والامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله واضح في نيته اعادة الاعتبار لمعادلة الردع، لكن تبقى الكيفية والتوقيت رهن الكثير من المعطيات الموجودة لدى اصحاب الوحدات الامنية والعسكرية. وفي هذا الاطار، سأل كبير محللي صحيفة “يديعوت أحرونوت الاسرائيلية” ناحوم بارنياع عن الثمن؟ وقال كان العاروري “عدوًا قاسيًا ومميتًا. والفرحة مفهومة داخل المؤسسة الأمنية “الإسرائيلية”، لكن الاغتيالات المستهدفة لا تقاس فقط بالضربة التي يتلقاها العدو، فالسؤال هو ما الذي يمكن أن تفعله هذه الخطوة بنا، يجب ان نحسب جيدا السعر مقابل القيمة والتكلفة مقابل المنفعة! خصوصا ان من قرر تصفية العاروري في بيروت، توقع أن يكون هناك رد فعل عنيف، سواء من حماس أو من حزب الله، فعاجلاً أم آجلاً، سوف يرد الحزب ومساحة الرد لديه أكبر من مساحة الرد لدى حماس، وخياراته واسعة ومنها الانتظار بصبر”!