IMLebanon

جريمة اغتيال رفيق الحريري لمنع خروج لبنان من الهيمنة البعثية والإيرانية

جريمة اغتيال رفيق الحريري لمنع خروج لبنان من الهيمنة البعثية والإيرانية

تدمير الإقتصاد اللبناني وإزالة مظلّة الأمان التي وفّرها بعد الحرب الأهلية

«كان هدف القتلة تدمير كل مزايا وإنجازات الشهيد رفيق الحريري لأنه الوحيد القادر على تحقيق النهوض بلبنان نحو الأفضل»

تحلُّ اليوم الذكرى الثانية عشر لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولم يستطع مدبرو هذ الجريمة الإرهابية طمس معالمها ولملمة تداعياتها ونتائجها المدمرة التي تجاوزت مساحة لبنان وشعبه بالرغم من مرور أكثر من عقد على ارتكابها، بل أصبحت علامة سوداوية فارقة تدل بوضوح على سياسة وأساليب وخطط القتلة التي باتت تطال بلادهم وشعوبهم وتعاطيهم مع الآخرين في دول الجوار الشقيقة كما يحدث في سوريا والعراق واليمن وغيرها.

اليوم، في الرابع عشر من شهر شباط، في هذه الذكرى الأليمة والحزينة على كل اللبنانيين الوطنيين والأحرار، يتبين أكثر من أي يوم مضى الهدف الأساس الذي سعى إليه مدبرو ومرتكبو هذه الجريمة الشنعاء من النظامين الديكتاتورييَّن في دمشق وطهران بالتكامل والتضامن فيما بينهما، وهو تدمير لبنان الذي بات نهوضه من ركام الحرب الأهلية المدمّرة وعودته إلى لعب دوره العربي والعالمي ووحدة أبنائه، عاملاً من عوامل القلق يقضّ مضاجعهم، وبات يُشكّل خطراً فعلياً على خططهم في استمرار استباحة ساحته وأرضه واستهداف أمنه واستقراره ساعة يشاؤون لتحقيق مآربهم وخططهم في النفوذ والسيطرة وتحقيق المكاسب مع الغرب والعدو الصهيوني لمصالحهم وغاياتهم المشبوهة على حساب مصالح وأمن اللبنانيين جميعاً.

هذه الذكرى المحفورة في صميم النّاس، تكشف بوضوح لماذا استهدف النظامان السوري والإيراني شخصية وطنية وعربية بارزة بحجم الرئيس الشهيد رفيق الحريري في هذا التاريخ بالذات؟

ببساطة، لأنه بحنكته وعلاقاته وتعاطيه المميز مع اللبنانيين والخارج حقق قفزة نوعية وقياسية في إعادة اعمار لبنان وجمع معظم أبنائه في اقتصاد متطور بسرعة واستطاع عن حق تشكيل مظلة حماية للبنان واللبنانيين وتحقيق أمانٍ اجتماعي ومعيشي طال معظم الطبقات الشعبية بعدما افتقده النّاس طيلة عقود الحروب الأهلية والعبثية والاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة وطوال نظام التدخل والوصاية السورية المشؤومة على لبنان.

لقد كان هدف القتلة تدمير كل مزايا وإنجازات ومؤثرات الشهيد رفيق الحريري دفعة واحدة، لأنه المحرك الأساسي والقادر على تحقيق هذا التقدم السريع والمضطرد للاقتصاد اللبناني والنهوض بلبنان نحو الأفضل قياساً على الدول العربية المجاورة ولأن استمرار هذه المسيرة يعني في النهاية إخراج هذا الوطن من براثن سلطة الوصاية السورية من جهة والتمدد الإيراني نحو الوطن العربي.

في مثل هذه الأيام من كل عام، يعي اللبنانيون الأبعاد والمؤثرات السلبية المدمرة لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري على لبنان خصوصاً بمعزل عمّا تسببت به من انتشار عدوى هذه التداعيات الخطيرة على الشعب السوري بفعل الممارسات الدموية للنظام ضد شعبه.

لم تفلح كل سيناريوهات الترهيب بسلاح «حزب الله» أو أدوات النظام الأسدي الدموي ضد الشعب اللبناني، ولا الحروب المناطقية بطرابلس أو الحروب المفتعلة ضد العدو الإسرائيلي في طمس معالم جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووقف تداعياتها الخطيرة، ولم ينجح أسلوب تنصيب حكومة مطواعة في يد الحزب «حكومة ميقاتي» من استنساخ نموذج اقتصادي يُعيد انعاش الوضع الاقتصادي المتدهور بفعل جريمة الاغتيال، أو تبديل قناعات النّاس وانطباعاتهم السلبية تجاه الحزب وممارساته الترهيبية أو تبرئة المشتبه بهم بارتكاب هذه الجريمة النكراء. بل أدّت كل هذه الممارسات والارتكابات الدموية إلى انكشاف الأهداف الحقيقية من وراء جريمة الاغتيال الارهابية التي كانت بمثابة نقطة الانطلاق لتنفيذ المخطط الإيراني المشبوه للسيطرة على لبنان والمنطقة العربية.

ولعل الصعوبات والتحديات التي يواجهها لبنان حالياً لإعادة انعاش الوضع الاقتصادي وتفعيل علاقاته مع الدول الخليجية والعربية والنهوض من جديد، تعيد اللبنانيين سنين إلى الوراء وتحديداً إلى تاريخ ارتكاب جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، للتمعن بالتداعيات السلبية التي نجمت عن هذه الجريمة والتي لم تفلح كل الجهود في تجاوز أثارها او استنساخ بدائل عنها، وهو ما يستوجب منهم معرفة العدو والصديق والشقيق على حقيقته والعمل لوقف كل محاولات التفرقة فيما بينهم.