مع انقطاع العلاقات الديبلوماسية بين ايران والمملكة العربية السعودية تدخل منطقة الشرق الاوسط مرحلة جديدة ستظهر فيها نتائج هذا القطع على كل دول المنطقة وخاصة لبنان.
الحقيقة ان قطع العلاقات لم يكن مفاجأ لاحد اذ سبقه سلسلة مؤشرات من الدولتين لم تكن مربحة، ابرزها الحملة الايرانية المركزة على سياسة المملكة سواء اكانت في العراق او سوريا او لبنان او اليمن، الى ان جاءت مشكلة الشيخ النمر والتي فجرت الخلافات.
عندما انتخب الشيخ حسن روحاني رئيسا للجمهورية الايرانية صدرت عنه مواقف ايجابية جعلت من زيارته الى الرياض امرا محتملا ومتوقعا، لكن سير الاحداث جاء عكس ذلك، وسط تساؤلات عن السبب ومنها اذا كان الشيخ روحاني يملك فعلا زمام السلطة في بلاده.
بأي حال، ما يهم هو النتائج.
مشكلة سوريا
لم يكن سرا، فان المملكة العربية السعودية كانت على خلاف عميق مع ايران بسبب تدخل الاخيرة في الشؤون العربية حيث قدمت الجمهورية الاسلامية دعما منقطع النظير لنظام الرئيس السوري بشار الاسد فمنعت اقتصاده من الانهيار. وعندما تزعزت قوته العسكرية وشارفت على الانهيار اوعزت الى حزب الله بالقوة عسكريا اولا بحجة حماية بعض ابناء الطائفة الشيعية على الحدود مرورا بحماية مزعومة لمقام السيدة زينب وصولا الى ذريعة محاربة الارهاب، واستباق وصوله الى لبنان.
هذا على الصعيد العسكري، اما على الصعيد السياسي فقد اجهضت طهران كل المحاولات الرامية الى ايجاد حل سياسي على الاقل متوازن في سوريا مدعومة فيما بعد بالتدخل الروسي المباشر.
التدخل في العراق
وكما تدخلت ايران في سوريا ودعمت نظام الاقلية السورية تدخلت في العراق حيث دعمت الميليشيات الشيعية وبقايا انصار رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، وسجل زعماء مناطق الرمادي والفلوجة وصلاح الدين وغيرها من المحافظات العراقية شهادات حية عن ممارسة هذه الميليشيات ضد ابناء مناطقهم والتي لم تكن تنطلق سوى من خلفيات مذهبية وعرقية.
احداث اليمن
ثم جاءت احداث اليمن عندما انقلب الحوثيون ومعهم انصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح على النظام الشرعي المنتخب وسيطروا على مؤسسات الدولة مدعومين عسكريا وسياسيا من ايران وعندها تدخل الجيش السعودي ومعه قوات عربية اخرى لاعادة الشرعية، شن الاعلام الايراني والاعلام المؤيد له حملة شديدة ضد التدخل العربي في اليمن ولم يتركا اي مجال لاي حل سلمي في هذه الدولة.
وعلى غرار التدخل في اليمن والعراق وسوريا اتخذ التدخل الايراني في لبنان طابعا خاصا عبر حزب الله، فتم اجهاض عدد من القرارات ثم اسقاط عدد من الحكومات وتم تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية الى ان جاء خطاب السيد حسن نصر الله امين عام حزب الله والذي ضمنه لهجة غير مسبوقة ضد المملكة وقادتها.
وشكل هذا الخطاب احد اوجه التدخل في شؤون دولة عربية. فالشيخ النمر هو مواطن سعود كغيره من المواطنين ويخضع كغيره للقوانين السعودية المرعية الاجراء وبالتالي فان ما ينطبق عليه، ينطبق على غيره ايا كان المذهب او الطائفة.
لم تتدخل السعودية يوما في الشؤون الايرانية الداخلية ولم تثر قضية لشيخ ايراني او لحزب او فرد او جماعة رغم حملة القمع للحرس الثوري ضد اي اعتراض على اية سياسة للنظام وتجنبت المملكة في مناسبات عديدة اتباع التصعيد التزاما منها بسياسة حسن الجوار وبضرورة تجنب ما يسيء الى تطور العلاقات الايرانية السعودية.
الخط الاحمر
بيد ان الامور وصلت الى الخط الاحمر والى درجة خطيرة تكشف نوايا ايرانية غير سليمة تجاه الوضع الداخلي السعودي.
اخيرا يمكن طرح سؤال جوهري اساسي هل يفيد خطاب نصرالله اللبنانيين واي مصلحة لهم فيه؟!