IMLebanon

مأزق التأليف يتعمق: لا مخرج بانتصار فريق

 

الضغوط تتكثف على الرئيس المكلف تأليف الحكومة. بعضها لدفعه الى الاعتذار عن عدم التأليف أو للبحث عن فتوى دستورية تسمح بسحب التكليف. وبعضها الآخر للاسراع في التأليف بما يحقق مطالب الذين يرسمون له صورة الحكومة ويمارسون التدخل في عملية التأليف. شيء من الضغوط مرتبط بحاجة البلد والناس الملحة الى حكومة. وشيء يأتي من الذين يستعجلون تثبيت انتصارات ليست ثابتة، لأنها انتصارات اقليمية ناقصة محكومة بصراع مصالح ومعرضة للتغيير في بازار دولي لم يكتمل بين اميركا وروسيا، ولا اوروبا والصين في منأى عنه.

والكل يعرف ان ازمة الحكومة اكبر من العقد المعلنة. فليس أصعب من مأزق التأليف سوى الخروج منه بانتصار فريق على آخر. وليس أخطر على لبنان من الازمة الحكومية سوى ربطه بمحور اقليمي وقت اشتداد الصراع بين المحاور. ونحن حاليا نعاني اشتداد الصراع، حيث يواجه المحور الايراني المنتصر بداية اختلاف الاجندات في سوريا ومن حولها بين موسكو وطهران واندفاع اميركا وحلفائها في استراتيجية كبح النفوذ الايراني.

ولا يبدل في الأمر، وان كانت الرسالة واضحة وقوية، عقد اتفاقات بعيدة المدى بين سوريا وايران خلال زيارة وزير الدفاع الايراني العميد امير حاتمي الى دمشق. ولا أحد يجهل معنى ان تطلب موسكو من طهران الانسحاب الى ما بعد ٨٥ كيلومترا على خطوط فك الارتباط في الجولان بتفاهم روسي – اسرائيلي.

ومن السهل، مع انه ليس في الدستور ما يحدد للرئيس المكلف مهلة للتأليف أو الاعتذار، البحث عن فتاوى دستورية. لكن من الصعب تجاهل الواقع السياسي. فالمنصب في هذا النظام الطائفي الذي صار مذهبيا هو للمذهب، لا للشخص. وأي اجراء يتم فرضه على الرئيس المكلف يقود الى أزمة ميثاقية مع السنّة قد تقود الى أزمة أخطر. ثم ان النظام المغلق مع فتحة صغيرة صار مغلقا بالكامل ضمن التسوية السياسية التي جاءت بالعماد ميشال عون الى القصر الجمهوري واعادت الرئيس سعد الحريري الى السراي. فنحن أسرى المعادلة التي مختصرها: السلطة للقوي في طائفته.

 

ولا بديل من الحريري بهذا المقياس. ولا بالطبع من كل امراء الطوائف.

فضلا عن ان التسوية السياسية قامت على قاعدتين: النأي بالنفس عن صراع المحاور، بحيث لا ينحاز لبنان الى أي محور. والتمسك باتفاق الطائف. وأي خرق للمعادلة والقاعدتين يحول أولا دون تأليف حكومة، ويضع لبنان ثانيا في مهب عواصف اقليمية ودولية قوية ومؤذية سياسيا وماليا واقتصاديا. ولا عاقل يقودنا الى مثل هذا الوضع الخطر والخطير.