IMLebanon

قطاع السيارات في لبنان راجع “آريير” وبسرعة كبيرة

 

لا شك أن عودة القطاع إلى طبيعته “لن تكون مهمة سهلة على الإطلاق”. كما أجمع أهم وكلاء السيارات في مقابلات أجرتها “نداء الوطن” ورأوا أن الضربة الأقوى التي تلقاها قطاع السيارات كانت بسبب كورونا إثر تراجع المبيعات بأكثر من 90% وحرمانه من القدرة على الإستيراد ومن فتح الإعتمادات، وما زاد الطين بلة تشديد القيود المصرفية على الوكلاء وتوقّف التحويلات المالية إلى الخارج نهائياً ناهيك عن تهاوي القدرة الشرائية للّيرة اللبنانية وارتفاع سعر الصرف أمام الدولار، ما وضع الكثير من المشترين المحتملين تحت ضغط مالي، بخاصة الذين فقدوا مدخولهم أو كانوا بحاجة إلى تعديل ميزانياتهم تماشياً مع الظروف الصعبة.

لبنان غير

 

طرحت شركات السيارات حول العالم حوافز سخية وقروضاً مؤجلة لشراء السيارات، حتى أن معظم المواقع الإخبارية العالمية وتحت عنوان “هل حان الوقت المناسب لشراء سيارة جديدة؟” شجعت متتبعيها على اقتناء سيارة معتبرةً أننا نمر في فترة ممتازة للحصول على صفقة رابحة من التجار الحريصين على استكمال المبيعات فيما صالات وكلاء البيع شبه خالية من المشترين، هذا وقد وجدت أهم الشركات في العالم نفسها مضطرة إلى الإعلان عن عروض مجنونة لجذب المشترين والتخلص مما لديهم خوفاً من المجهول. فمثلاً قامت جنرال موتورز، وهيونداي، وهوندا بتوسيع برامج الحسم على إيجار وشراء السيارات في عدد من الدول، وقدمت فورد حافزاً نقدياً إضافيا بقيمة 500 دولار للعاملين في القطاع الطبي. ومنذ بداية شهر أيار الحالي، بدأ وكلاء مازدا في عدد من الدول تقديم تغيير مجاني لزيت السيارة لعمال المستشفيات، سواء كانوا يقودون سيارة مازدا أم لا كنوع من الدعاية لتشجيع البيع.

 

أما في لبنان، فـ “يلّي ضرب ضرب ويلّي هرب هرب”، فمن ناحية توقفت القروض الميسّرة التي كانت تُمنح بالتعاون مع المصارف للراغبين بشراء سيارة، وهم الأغلبية. ومن ناحية أخرى وبحسب الوكلاء جميعاً “شارف مخزون السيارات على الإنتهاء، كما أن أغلب الموديلات باتت مفقودة من السوق والإستيراد متعذر، لا بل متوقف، منذ ستة أشهر ومن “لحّق حاله” وقام بتحويل أمواله الموجودة في حسابه المصرفي من “أرقام” إلى سيارة واشترى عبر شيك مصرفي فيُعتبر “زمط” وكان محظوظاً لشرائه من الـ”ستوك”الذي سينتهي قريباً. وعلى الشعب اللبناني أن يعي أن في صالات البيع اليوم موديلات محدودة ستنتهي بعد فترة وجيزة. ناهيك عن ارتفاع أسعار السيارات بشكل هستيري، إذ أن السيارة التي كان يبلغ سعرها نحو 8000$ على سعر صرف 1515، تباع اليوم على أساس سعر الصرف الموجود في السوق، أي ما يقارب 4000 ليرة، الأمر الذي أدى إلى تراجع نسبة المبيع.

 

من جهته، يقول نقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة وليد فرنسيس لـ”نداء الوطن” إن “الوضع كارثي والإفلاس سيضرب الجميع بخاصة مع توقف التسهيلات المصرفية المساعدة للشراء وتعذّر ارسال الحوالات للخارج بما أن المصارف قد اشترطت الدفع النقدي لإرسال أي حوالة” وأنه “مهما خفض من أسعار السيارات المستعملة لن يرتفع الطلب على كل من السيارات الجديدة والمستعملة حتى لدى البائعين الراغبين في قبول مبالغ أقل بكثير مما كانوا يتوقعونه”… وأن “وضع قطاع السيارات في لبنان مختلف وضعه عن كل بلدان العالم”.

 

مستقبل مجهول

 

وعلى الرغم من إعادة الفتح الجزئي لمعارض وكلاء السيارات، إلا أن القيود المصرفية، مجتمعة مع ظروف العزل المنزلي وازدياد معدلات الفقر والبطالة وتراجع القدرة الشرائية، أدت إلى تراجع حاد في إقبال المواطنين على شراء السيارات، ما شكل ضربة قاصمة للقطاع، الذي كان يعاني حتى قبل اندلاع أزمة كورونا من أوضاع متعبة للغاية.

 

وبحسب رئيس جمعية مستوردي السيارات الجديدة في لبنان ورئيس مجلس إدارة شركة إيمبكس سمير حمصي “ان نشاط معظم الشركات بما فيها إيمبكس وهي وكيلة حصرية لسيارات “شفروليه” و “كاديلاك” و”هامر” يقتصر على خدمة ما بعد البيع وعلى الصيانة بأغلب الأحيان” وأضاف “لقد تراجع الإقبال على السيارات بين هذه السنة والسنة الماضية حيث تم بيع 188 سيارة جديدة في الشهر الماضي، مقابل 2000 سيارة في الشهر نفسه من العام 2019”.

 

وأكمل “بلغ التراجع الشهري في مبيعات السيارت مقارنة بمبيعات نفس الشهر من السنة الفائتة في كانون الثاني نسبة قاربت الـ 47% وفي شباط وصلت النسبة إلى 53% لتصل إلى 79% في آذار و91% في نيسان. كما استمر الوضع إلى شهرنا الحالي ويتخوف مراقبون مما سينتج عن ذلك من تراجع في تحصيل رسوم الميكانيك التي يدفعها أصحاب السيارات بشكل سنوي وتحصيل الدولة للرسوم الجمركية التي يدفعها الوكلاء من نحو 178 مليون دولار في العام 2019 إلى نحو 33 مليوناً في 2020 أي بتراجع ممكن أن يصل إلى 81% ناهيك عن تراجع الطلب على قطع الغيار وعلى طلبات التأمين”.

 

وتابع حمصي “سيقع لبنان في أزمة مواصلات كبيرة بعد وقت قصير نظراً لعدم وجود قطاع نقل عام محترم يربط المناطق ببعضها واعتماد أغلبية المواطنين على سياراتهم الخاصة كحاجة أساسية بعيدة عن الكماليات. ومع صعوبة استيراد قطع الغيار وارتفاع كلفة التصليح سيفضل الشعب اللبناني زرع الشعير وركوب الحمار على تصليح سياراتهم أو شراء الجديد”.

 

الإستيراد متعذّر

 

أما مدير التسوبق في شركة رسامني يونس للسيارات (Rymco) جايد أيوب فقد بدا قلقاً على مستقبل القطاع في لبنان علماً أن ريمكو هي الوكيل الحصري لسيارات “نيسان” GMC، لادا، داتسن، شيري وماكلارين وأنها كانت تبيع سنوياً ما بين 5 إلى 6 آلاف سيارة. وقال أيوب لـ”نداء الوطن” إن “صالات العرض ستخلو من السيارات قريباً، وأنه يتعذر الإستيراد على معظم الوكالات نظراً للقيود المصرفية التي فرضت على الجميع وأن أغلب الشركات تصفي نوعاً ما مخزونها وتبيع بموجب شيكات مصرفية وقد يصبح شراء السيارة بناء على الطلب”. وأشار إلى أن “تميّز ريمكو الحالي يكمن في خدمة الصيانة الجوالة، وبوجود فانات عبارة عن كاراجات متنقلة تصل حتى المنازل وتقدم خدمة ما بعد البيع والصيانة”.

 

 

من جهته اعتبر مديرمبيعات شركة البستاني المتحدة للآليات (وكيل شركة تويونا في لبنان) غسان بجاني أن “القطاع مهدد بالزوال لا سيما إذا لم تسمح المصارف بالتحويلات الماليّة اللازمة للإستيراد، إذ ينعكس شح النقد سلباً حتى على خدمة ما بعد البيع لصعوبة جلب قطع الغيار من الخارج. فلا المستورد قادر حالياً على الإستيراد وفتح الإعتمادات النقدية ولا القدرة الشرائية للمواطن ستسمح له باقتناء سيارة، واستبدالها بنفس الوتيرة السابقة أي كل 6 سنوات، وفي هذا السياق، يعاني المواطن اللبناني ليس فقط من مسألة شراء السيارات بل عند تصليحها، إذ بات يدفع ثمن قطع الغيار والبضائع بأسعار مضاعفة لأنها جميعها مستوردة من الخارج. وتابع “إن أغلب الوكلاء قد توقفوا عن استيراد السيارات منذ ثورة تشرين وظهور القيود المصرفية. مثلاً من أصل 16 موديلاً في مخازننا بقي ثلاثة فقط والحال كذلك عند الجميع”.

حول العالم

توقعت شركة «إل إم سي» للاستشارات المتخصصة في قطاع السيارات، أن يهبط الإنتاج العالمي للسيارات هذا العام بنسبة تفوق الـ 20% ( أقل بـ 19 مليون سيارة عما كان مقدراً إنتاجه) معتبرةً أن هذا الانخفاض الحاد كان أكبر بكثير مما كان متوقعاً كما حذرت «إل إم سي» من أن تلك التوقعات قد تشهد مزيداً من التراجع تبعاً لمدى سرعة تعافي المناطق الرئيسية. وبحسب إحصاءات صدرت عن بنك «جيه بي مورغان»، فقد انكمش نشاط تصنيع السيارات حول العالم خلال الأشهر الماضية بأكبر وتيرة في 11 عامًا، مع تأثير تفشي الفيروس سلبًا على الطلب وسلاسل التوريد والتجارة.

 

وتوقع تقرير صادر عن مؤسسة «تريند فورس» الأميركية المتخصصة في أبحاث التقنية، أن يكون لفيروس كورونا المتفشي في الصين تداعيات مباشرة على خطوط الإمداد وقطع الغيار في العالم، خاصة القطاعات الخاصة بتجارة السلع الأولية وصناعة السيارات التي تعتمد على السوق الصينية الرخيصة في صناعة قطع الغيار. فالصين تمثل نحو 30% من مبيعات السيارات العالمية.

 

أما في الصين، فقد برزت فرص جديدة لصناعة سيارات ذات القيادة الذاتية والحلول الذكية. واليوم باتت الصين تستخدم المركبات الذاتية التحكم في المدن والمستشفيات في جميع أنحاء البلاد لمكافحة كورونا والنهوض بالمدن الذكية. زاد الطلب على عمليات تسليم السيارات بدون سائق ما دفع الصين الى تحفيز الإستثمار بتقنيات القيادة المستقلة.