هل كنّا بحاجةٍ إلى الثورة، لكي ندرك أنّ الطعام «البيتي» هو الذي يجمع العائلة؟
وأنّ الطعام «دِليفري» هو الذي يهدم العائلة؟
لا شك أنّ التطور «الغذائي» المزعوم، عمل بشكٍ أو بآخر على تحويل لُقمة العيش الصحيّة، إلى لُقمة عيشٍ « بلاستيكية» وهلُّم جرّا…!
الكلّ يقول: أيامنا صعبة!!
جوابنا: طبعاً، إنّها صعبةٌ جداً، وبخاصةٍ بعد أن عملنا على تحويل غذائنا الحياتي، إلى غذاءٍ دنيويّ!
سؤالي لكم: هل كانت الثورة ضروريةً لكي نعود إلى صوابنا؟ ولكي نرى أنّ عالم الضوضاء سيطر على عقولنا بطريقةٍ مبدعة؟
سؤالي لكم مجدداً: هل كانت أيضاً الثورة ضروريةٌ ، لكي نُعاند موجةَ الآراكيل السخيفة، ولكي نصرخ في وجهها: دُخانك خنق أنفاسنا، ودمّر حناجرنا! لدرجةٍ أنّنا بتنا نناجيها، قائلين: من فضلكِ أتركينا بسلام، لقد اشتقنا إلى «كاسة الشاي البيتية»، التي ترافق سهراتنا، وتنعشُ أنفاسنا، وتُريح حناجِرنا…!
ضروريةٌ هي الثورة، لكي نشتاق إلى رائحة « تقلاية» المجدرة؟ آه ما أطيب صحن المجدرة، ترافقه بصلةٌ خضراء. والويل لصحن المجدرة، إذا لم يحتضنه رغيف خبز «مرقوق، شِغِل ديات» جدتي جميلة.
وأيضاً، وأيضاً، هل كنا بحاجةٍ إلى الثورة، لكي نتذكّر أنّ فستان أختي الكبرى جميل، ويناسب خصري تماماً؟ وأنّ بذلة أخي الكبير رائعة، تناسب أيضاً ًخصر أخي الصغير؟
وآه ثم آه من عذاب، وقهرِ أرض البور، كم اشتاقت إلى سواعد شباب بلدها، إنّها تتلهفُ لعرقهم، نظراً لظمئها الشديد منذ فترةٍ طويلة.
ما أجمل العائلة، عندما تجتمع بعد عناءِ نهارٍ طويل من التعب، لتعود مجدداً إلى معايير حياتية، تقليدية، عنوانها: «يَعطيك العافية، أو يعطيكي العافية». كلّها أسئلةٌ جوابُها: التوبةُ والغفران!
والثورة في النهاية علّمتنا أنّ حياتنا كانت رهينةٌ اجتماعية، مضامينها مُهترئة، بحاجةٍ إلى إعادة تأهيل. وها هي مجدداً الثورة تنادينا: تمهّلوا، فعاصفة «الكورونا» هبّت لكي تختُمَ مأساتنا الحياتيّة، المعيشيّة، بمأساةٍ، عنوانها: الرحمة ثم الرحمة. وإلاّ سيحملنا الطوفان إلى غير رجعة، عندها، لا يسعنا إلاّ القول: ربي، أنقذنا، نحن عبيدٌ، وخلاصنا بين يديك!!!
عندها لا يسعنا إلاّ التقاعد من مؤسسة الحياة «الثورويّة» والانضمام إلى ثورة العودة إلى الجذور المنقذة، حاملين بين أحضاننا مسيرةً «ثورية» عنوانها «أحب لبنان».
وعندها أيضاً، يمكننا الاعتراف أنّ نِسرَنا الخلاصي، الإنقاذي، أصبح يحتل المرتبة الأولى، وبالتالي مهما حاولنا إقناعه بالهبوط سيبقى محلّقاً في الجو، لأنّه اعتاد الأوكسجين الفضائي الحقيقي، ألا وهو أوكسجين الفضاء الجديد!!
ثورتنا «الإنقاذية» لم ولن تخذلنا، لأنّها مع العدالة النابعة من رحم الطبيعة الأصيل، الذي لا يُقهر، ما دامت عقولنا النيّرة تميّز بين الحق والباطل!