جنبلاط يُريد الحريري الى جانبه «لمقاومة سياسية وانتخابية»
مع بلوغ التأزم السياسي مستويات قياسية ربطا بتوقف عمل الحكومة والمناكفات الداخلية والأزمة المستجدة مع المملكة السعودية ودول الخليج على خلفية عدم استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، عادت نغمة إحياء ١٤ آذار الى التداول في الصالونات السياسية انطلاقا من معطيين بارزين حدثا مؤخرا، وتمثلا اولا بدعوة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حليفه السابق سعد الحريري للعودة وخوض الإنتخابات النيابية الى جانبه، وثانيا في مواقف «الإشتراكي» و»المستقبل» و»القوات» التي صارت تتماهى مع بعضها في الملفات الساخنة كتلك المتعلقة بقضية الوزير قرداحي او الموقف من حادثة الطيونة ، هذا المشهد دفع المتابعين الى توقع عودة ١٤ آذار الى الحياة او ولادة حالة سياسية مشابهة لتلك التي قامت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، خصوصا بعد ان أطلق جنبلاط صفارة الإنتخابات، معلنا التحالف مع «المستقبل « و»القوات»، مما أعطى انطباعا بتشكل جبهة سياسية تعيد النبض الى روح ١٤ آذار.
لكن الصورة، كما تقول مصادر سياسية، لا تزال حتى الآن غامضة وملتبسة في غياب الحريري الذي لم يُصدر إشارات تؤكد عودته بعد، مع تسجيل تناقضات في صفوف «تيار المستقبل». فهناك من ينقل عن الحريري رغبة في تخصيص المرحلة للعمل و»البيزنس» بدل السياسة، فيما يؤكد آخرون ان الحريري عائد لاستنهاض تياره، اما الشق الثاني فيتعلق بعلاقة القوى السياسية ببعضها التي لا تبدو علاقة حلفاء في خندق سياسي واحد بقدر ما هي علاقة مصلحة وتحالفات على الملف.
قوى ١٤ آذار في الشكل والخطاب السياسي متجانسة، تضيف المصادر،لكن أمورا كثيرة تفرّق قيادات هذا الفريق وتمنعه ان يعيد استنساخ تجربة «ثورة الأرز» ، فالعلاقة بينهم متلونة وأحادية او ثنائية، وكل طرف «فاتح على حسابو»، وان كانت الأمور سالكة على خط المختارة وبيت الوسط اكثر مما هي بين «المستقبل» و»القوات».
فالنائب تيمور جنبلاط يرافقه الوزير وائل ابو فاعور قصد لقاء الحريري قبل أسبوعين للوقوف على خاطره انتخابيا، تزامنا مع دعوة جنبلاط له الى قيادة «المستقبل» من لبنان، وهذه الدعوة، كما تقول المصادر، حمّالة أوجه بين من يقول ان جنبلاط «مزنوق « انتخابيا وسياسيا ويحتاج الى دعم «المستقبل» في الإنتخابات، ولا يستسهل خوضها في دوائر محددة يحتاج فيها الى الصوت السني، كما ان خصوصية الجبل المسيحية والتجارب الإنتخابية مع «القوات» في الاستحقاقات الماضية تستدعي التحالف مع معراب لمواجهة التيار الوطني الحر في الشوف وعاليه، بعد ان استطاع العونيون في انتخابات ٢٠١٨ فك أسر المقاعد المسيحية .
يتوقف المراقبون عند ملاحظات عديدة لعدم تجانس القوى الأساسية المكوّنة ل ١٤ آذار منذ ١٧ تشرين وبعد استقالة الحريري حيث تفرق العشاق، الا ان الظروف السياسية والإنتخابية توحّد الفريق اليوم سياسيا حيث يجتمع الثلاثة على فكرة مواجهة المحور السوري والإيراني، وانتخابيا فان قانون الانتخاب الحالي يجبرهم على التحالف حتى لا تصيبهم الخسارة.
وتضيف المصادر ان كلام جنبلاط يعبر عن نفسه بدعوة الحريري الى العودة من اجل المقاومة السلمية ، وينطلق من كونه لا يزال الراعي والحليف السياسي الأساسي للحريري، ومن قدم له نصائح في الماضي للابتعاد عن التسوية والإعتذار عن تأليف الحكومة، وهو على ما يبدو اليوم يقوم بنصح الحريري ان لا يبتعد أكثر عن الساحة، حيث هناك من يجهز نفسه ليكون بديلا جاهزا ويسعى لوراثة زعامة الحريري على الساحة السنية.
احياء ١٤ آذار ليس واقعيا، فكل شيىء معلق بإنتظار ان يحسم الحريري قراره المشاركة في الإنتخابات، اذ يتردد انه ينتظر وضوح الصورة الإنتخابية، ومصير الطعن المقدم بقانون الانتخاب .