الحكومة تضع اليد على القلب بانتظار جواب صندوق النقد نهاية الأسبوع
في الوقت الذي ينتظر فيه لبنان نهاية هذا الأسبوع رداً من صندوق النقد الدولي على الطلب الرسمي الذي تقدمت به الحكومة لحصول لبنان على برنامج تمويل يُساعد على فرملة اندفاعة القطاعين الاقتصادي والنقدي باتجاه الانهيار الكامل، فإن الخطة الاقتصادية التي وضعتها الحكومة تلبية للمطالب الدولية الملحة بشأن إحداث إصلاحات جوهرية على أساسها تُلبّي الدول المانحة دعوة لبنان للمساعدة، وقعت هذه الخطة في شباك السجالات السياسية، الاقتصادية قبل أن تكمل طريقها إلى مجلس النواب لمناقشتها والمصادقة عليها، مع العلم انه من غير الواضح ماذا سيكون عليه رد صندوق النقد على المطلب اللبناني سلباً أم إيجاباً، مع وجود مؤشرات مشجعة على إمكانية قبول الصندوق التجاوب مع رغبة الحكومة اللبنانية في المساعدة.
وإذا كان من غير الممكن الإنكار بأن الحكومة بذلت جهوداً مضنية في سبيل اعداد هذه الخطة بعد اجتماعات مكثفة على مدار أيام عدّة، فإنه في المقابل لا يمكن تجاهل تصاعد المناخات الرافضة أو المتحفظة حيالها، ولذا سارع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى دعوة الكتل النيابية إلى اجتماع يُعقد في قصر بعبدا اليوم لاستمزاج رأيهم في بنود الخطة، وما إذا كانت هناك من ملاحظات يمكن أن يضيفها مجلس الوزراء إلى الصيغة النهائية للخطة التي سترسل إلى مجلس النواب، حيث إن الكثير من المعطيات تؤكد بأن هذه الخطة ستكون خلال النقاش النيابي عُرضة للكثير من التعديلات وهو ما ألمح إليه رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان الذي نقل عن النواب الذين حضروا اجتماع اللجنة أمس الأول إجماعاً على اعتبار خطة الحكومة إطاراً وليس خطة تنفيذية منزلة بمعنى انها قابلة لاسقاط التعديلات التي يراها النواب ضرورية.
خطة الحكومة الاقتصادية ستكون عُرضة لإسقاط تعديلات جوهرية يراها النواب ضرورية
هذا من الجانب البرلماني، أما على المستوى الاقتصادي فإن البيان الذي أصدرته الهيئات الاقتصادية والذي وصفته بعض المصادر بأنه قاسٍ جداً من خلال وصفه الخطة بالمنحى التدميري للاقتصاد، وانها بمثابة انقلاب على النظام الليبرالي وتغيير الهوية الاقتصادية للبنان، هذا البيان بمضمونه يُشكّل إشارة واضحة إلى ان طريق ولادة الخطة الحكومية لن يكون بالأمر السهل، وهي ستواجه عقبات جمّة، وربما تدخل بشكل أعمق في صلب الاشتباك السياسي الذي لم يبدأ أصلاً بين الحكومة من يعارضها.
وفي هذا السياق، فإن هناك قراءة لمصادر في المعارضة غير مريحة للأجواء السائدة في لبنان إن كان على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وهذه المصادر ترى في الاجتماع الذي سيعقد في قصر بعبدا اليوم مهرجانا خطابياً لا أكثر ولا أقل، وأن الغاية منه توفير فرصة تحصين للخطة الاقتصادية التي تعرّضت للتشوهات قبل أن تصبح في قبضة المجلس النيابي لمناقشتها والحكم عليها.
وبغض النظر عن شكل الدعوة ومن سيلبيها ومن أعلن مقاطعتها، فإن مجرّد عدم حضور معظم قادة الصف الأول وإرسال من ينوب عنهم أضعف قدرة هذا الاجتماع من إمكانية أن يكون قوة دفع للخطة الاقتصادية – المالية باتجاه ولادتها بشكل طبيعي وسلوكها الطريق المستقيم للتنفيذ.
وحيال هذا الواقع فإن المصادر في المعارضة تؤكد اننا سنكون اليوم أمام حفلة خطابية تؤكد المؤكد، وتعلن المعلن مسبقاً إن على مستوى إظهار مخاطر استمرار الأزمة الاقتصادية والمالية أو على مستوى تكرار الدعوات لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة من دون الدلالة على أية آلية يمكن اعتمادها لبلوغ هذه الأهداف، وهذا الأمر سيكون في سياق هدر الوقت وعدم الإفادة منه.
وتسأل المصادر المعارضة لماذا انعقاد الاجتماع اليوم وبعد إقرار الخطة في مجلس الوزراء وليس قبله؟ ألا كان يفترض على أصحاب الدعوة استمزاج آراء الكتل النيابية قبل الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي أقرت فيها الخطة؟ ثم لماذا تجاهُل النواب غير المنضوين في كتل نيابية هل هم حرف ناقص؟.
إن ما جرى خطيئة كبيرة أدت إلى عدم الإجماع السياسي على دعوة قصر بعبدا وجعل منسوب نجاح هذا اللقاء منخفضاً جداً.
وترى هذه المصادر أنه كان حري بالذين ابتدعوا فكرة الدعوة لاستمزاج الرأي حول خطة بهذا المستوى أقرت مسبقاً في مجلس الوزراء أن يذهبوا في اتجاه الدعوة إلى حوار وطني حول مختلف جوانب الأزمة سياسياً واقتصادياً ونقدياً ومعيشياً واجتماعياً، مع الإشارة إلى انه حتى المحطات الحوارية السابقة اتخذت فيها قرارات كثيرة ولم تنفذ ولم يعد لها من قيمة حيث أن الأحداث التي حصلت بعد هذه الجلسات الحوارية قفزت فوق هذه القرارات وسبقتها بأشواط جعلت كل القرارات التي اتخذت من دون قيمة.
وفي تقدير المصادر أنه في الوقت الذي لم يعد فيه من خط فقر في لبنان حيث أصبح الجميع تحت خط الانهيار، وأصبح البلد كلّه في المهوار لم يعد ينفع معها انعقاد مثل هذه الاجتماعات التي تحصل في ظل اشتباكات سياسية على أكثر من محور تضع البلد أمام أفق مقفل على أية بارقة أمل، لا بل وتجعل لبنان على الصدمة.