هــل يمهّـد لـقــاء عـــون ــ جنـبلاط لسياســة الابـــواب المفـتــوحة في المرحلـة المقــبــلــة؟
التعيينات على نــــار هــادئــة… وبـــري محور الحركة والاستقطاب
لم تكن مقاطعة الرئيس سعد الحريري لاجتماع بعبدا اليوم خطوة موفقة بقدر ما كانت دعسة ناقصة بكل معنى الكلمة لأنها جعلت منه ومن تياره طرفا معزولا حتى من قبل اطراف المعارضة. وما زاد الطين بلّة زيارة رئىس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عشية هذا الاجتماع للقصر الجمهوري وعقد لقاء مصارحة مع الرئيس عون وصف بأنه كان ايجابيا وانه فرمل التدهور الخطير في العلاقة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي على قاعدة التهدئة والحفاظ على العيش المشترك والاستقرار في الجبل.
ووفقا للمعلومات المتوافرة فإن الرئىس الحريري فوجئ بسرعة اللقاء بعد تصريحات جنبلاط النارية الاخيرة لمحطة العربية السعودية التي شن فيها هجوما لاذعا على العهد والنائب جبران باسيل.
غير ان هذه الزيارة غير المتوقعة لا تعني انه كان يتأمل في الارتقاء بعلاقته مع جنبلاط الى مستوى تشكيل جبهة معارضة مثلثة تجمعهما مع الدكتور سمير جعجع.
هناك مسافة بين الحريري وجنبلاط في معارضة كل منهما للحكومة والعهد فالاول اختار المقاطعة التامة والضغط بكل الاشكال لاسقاط الحكومة في اسرع وقت من اجل استعادة زمام المبادرة وفرض شروطه على العهد باعتبار انه يدرك صعوبة واستحالة اسقاط العهد برمته.
اما الثاني وبإدراكه السياسي الواسع يعرف منذ اللحظة الاولى لولادة حكومة دياب ان الرهان على اسقاطها بالضربة القاضية والسريعة هو رهان في غير محله لذلك اعلن منذ البداية عن اعطائها فرصة للعمل ثم صعّد موقفه في الاونة الاخيرة في وجه الحكومة من دون الدعوة الى اسقاطها.
وتقول مصادر سياسية ان جنبلاط رفع وتيرة تصعيده ضد الحكومة عندما وجد نفسه انه يحاصر على غير صعيد وانه مستهدف من خلال انتزاع عدد من المراكز الدرزية في الادارة لصالح خصومه او لحساب تسلط التيار الوطني الحر وتوسيع نفوذه في الدولة.
وترى المصادر انه ربما صدرت اشارات مؤخرا من الحكومة وقصر بعبدا مفادها ما جرى في جلسة التعيينات المالية الشهيرة التي تعثرت لم يكن القصد منه فتح حرب مع الحزب التقدمي الاشتراكي وبالتالي يمكن تصحيح هذا المنحى بمدّ يد التعاون بين الجميع للخروج من الازمة.
وفي ضوء هذه الاشارات جرى ترتيب اللقاء بين عون وجنبلاط في بعبدا، وترافق ذلك ايضا مع كثافة الحركة والنشاط في عين التينة التي شهدت في اليومين الماضيين اجتماعين مهمين بين الرئىس بري وكل من الرئيس حسان دياب والنائب باسيل.
ومما لا شك فيه ان هذه التطورات السريعة والمتلاحقة قللت من اهمية خطوة الحريري ومقاطعته لاجتماع بعبدا اليوم فبدت مجرد تسجيل موقف منسجم مع سياسة المقاطعة التي ينتهجها زعيم تيار المستقبل في وجه العهد والحكومة.
اما الحديث عن عدم دستورية اجتماع بعبدا اليوم فهو ايضا في غير محله باعتبار ان هذا اللقاء الموسع برعاية الرئيس عون هو لقاء ذات طابع سياسي وليس برلمانيا او له صفة التشريع ولا يحل محل عمل المجلس النيابي ولجانه في مناقشة واقرار اي قانون او بند يمكن ان يندرج في اطار تنفيذ الخطة الاقتصادية والمالية التي اقرها مجلس الوزراء مؤخرا.
ويمكن الاستعانة في تأكيد هذا التوصيف للقاء بعبدا اليوم باجتماع لجنة المال والموازنة اول امس واليوم ايضا لمناقشة اطار الخطة المذكورة عدا عن ان مشاركة الرئىس بري هي اكبر دليل على اجتماع القصر الجمهوري اليوم ليس تعديا او تطاولا على عمل المجلس ودوره وهو مجرد اطار للتباحث مع القوى السياسية في البلد بشأن الخطة المالية والاقتصادية المزمع تنفيذها لانقاذ البلد.
ووفقا للمصادر السياسية فإن اجتماع بعبدا اليوم بغض النظر عن الخلافات التي ستسجل بين اطرافه حول تفاصيل الخطة ربما سيمهد لمرحلة ثانية في التعاطي مع الوقائع والتطورات في المستقبل وسيعزز القناعة في اعطاء فرصة حقيقية للحكومة من اجل ترجمة ما يتيسّر من الخطة المالية الانقاذية خصوصا في ما يتعلق بالمفاوضات الشاقة والصعبة مع صندوق النقد الدولي مع الاشارة الى ان الاجتماع الذي عقد مؤخرا بين الرئيس دياب والصندوق كان «مثمرا» كما عبرت مديرته كريستالينا جورجيفا التي وصفت الخطة بأنها «خطوة مهمة للامام لمعالجة التحديات الاقتصادية التي يواجهها لبنان».
ووفقا للمعلومات المتوافرة ايضا فإن الحكومة عازمة على الاسراع في اقرار التعيينات المالية والادارية في اقرب وقت ممكن وان الاجتماعات واللقاءات التي سجلت في الايام القليلة الماضية في بعبدا وعين التينة تطرقت الى هذا الموضوع بشكل رئىسي على ان تستكمل في الايام المقبلة.
وتضيف المعلومات ان مقاطعة الحريري والمستقبل للعهد والحكومة لا تعني استثناءه من هذه الاتصالات التي سيكون الرئيس بري محورها.