تشير المعلومات المستقاة من جهات سياسية داخلية وخارجية، إلى أن الأزمة في لبنان ليست بالسهلة، موضحةً أن تقاطعات دولية وإقليمية تعيق مسار الحل، لا سيّما انتخاب الرئيس، ولهذه الغاية، فإن جلسات انتخاب الرئيس العتيد التي يحددها رئيس المجلس نبيه بري، باتت أمراً لا يعوّل عليه، ولذا فالتعويل بات منصبّاً على الجهود والمساعي الخارجية التي تكثّفت في الأيام الماضية، في ضوء معلومات ديبلوماسية عن احتمال زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت بعد قمة عمان، وإن كانت غير مؤكدة بانتظار الساعات المقبلة، وترقّب ما سيصدر عن الإيليزيه في هذا الصدد، إذ وفي حال كان في حوزة ماكرون، تقول المعلومات، يمتلك معطيات إيجابية يُبنى عليها لانتخاب رئيس الجمهورية، وما سبق ذلك من لقاءات ومشاورات قام بها، عندئذ يمكن قيامه بزيارة العاصمة اللبنانية لإبلاغ المسؤولين اللبنانيين بالخيار الذي يجب أن يسلكوه.
وانطلاقاً من هذه المعطيات، فإن التسوية مرهونة بجملة عناوين إقليمية ودولية، تبقي التوافق على رئيس مشوباً بالصعوبات، وذلك بفعل التطورات الدارماتيكية في الحرب الروسية ـ الأوكرانية، وما تنقله المعلومات الديبلوماسية عن أجواء مشحونة دولياً، على خلفية هذه الحرب والتطورات والتوتر في المنطقة، والتي كان آخرها على الساحة الأردنية.
وبالتالي، فإن أسوأ ما قد يعترض التسوية المحلية على انتخاب رئيس الجمهورية، يتمحور في استمرار الإنقسام بين القوى السياسية، وترحيل الحوار «الرئاسي» الذي كان قد دعا إليه بري إلى ما بعد مطلع العام الجديد، وخصوصاً أن المعلومات نفسها، تشير إلى أن رئيس المجلس قد حدد مهلةً زمنية قصيرة، قبل العودة مجدداً إلى التركيز على الحوار بين الكتل النيابية من أجل وضع حدّ للفراغ في الملف الرئاسي.
إلاّ أن ما تقدّم، لا يلغي أنه، وقبل التوصل إلى أي صيغة للشأن اللبناني، فإن ما يجري في الإقليم له تداعياته وارتداداته على الوضع المحلي، وبناءً على هذه المؤشرات والأجواء، تربط المعلومات الديبلوماسية، أي تطور في الملفات في المنطقة، بخطوة التوافق على وقف إطلاق نار أو صيغة ما بين روسيا وأوكرانيا، لا سيّما بين موسكو وواشنطن. ومن هنا، أجرى الرئيس الفرنسي إتصالا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كونه يدرك، وبصفته من أبرز المولجين بالملف اللبناني، صعوبة إيجاد حلّ وانتخاب رئيس في لبنان، في حال لم تكن الأرضية الدولية وألإقليمية مؤاتية.
أمّا على مستوى اليوميات اللبنانية، والتي تصفها مصادر ديبلوماسية غربية بالمقلقة، وبشكلٍ خاص على المستوى الإقتصادي، فهي كجرس الإنذار الذي يضغط على الأطراف الداخلية لإنتاج تفاهمات، وبالتالي تذليل العوائق أمام تقريب المسافات بينها لإيجاد مخرج للمسألة اللبنانية وحلّ المعضلة الرئاسية، على أن يتبلور مشهد هذه التفاهمات بعد تمرير مرحلة التصعيد التي انطلقت أخيراً، وذلك بعد جلاء غبار التطورات الأمنية الأخيرة في الجنوب بعد حادث العاقبية، الذي سقط فيه جندي إيرلندي من قوات الطوارىء الدولية العاملة في الجنوب وجرح فيه 3 من زملائه.