IMLebanon

موازين القوى والمعارك  رهن الحمايات الجوية

هل بدأت مرحلة توزيع الغنائم في حرب سوريا؟ ماذا عن التناقض بين ما يجمع عليه الخطاب الروسي والأميركي والتركي والايراني والمصري والسعودي والأوروبي، وهو وحدة سوريا أرضاً وشعباً ومؤسسات، وبين تعددية القوى المحلية والاقليمية والدولية التي تتقاسم السيطرة على الأرض؟ وهل صار مقبولاً في السنة السادسة للحرب ما كان مرفوضاً في السنة الأولى، وهو اقامة منطقة آمنة؟

عملية جرابلس أعادت الى الواجهة حديث المنطقة الآمنة في شمال سوريا. وهي منطقة طالب بها معارضون وطلبتها تركيا وتحمّس لها الجمهوريون المحافظون في أميركا، لكن الرئيس باراك أوباما أصرّ على رفضها، والرئيس فلاديمير بوتين حذّر من التفكير فيها لأنها خرق للسيادة السورية وضد الأمن القومي الروسي. وعندما دخلت روسيا الحرب مباشرة ونشرت طائراتها وصواريخها المتطورة صار حلم أردوغان كابوساً والمنطقة الآمنة مهمة مستحيلة من قبل اسقاط الطائرة الروسية والأزمة مع موسكو.

أما الآن، وبعد المصالحة بين أردوغان وبوتين، فان أنقرة تدير مباشرة عملية جرابلس وتشارك بالمدفعية والدبابات والطيران والقوات الخاصة في توسيع العملية بمشاركة الطائرات الأميركية. والحديث يعود عن منطقة آمنة بطول سبعين كيلومتراً وعمق عشرين كيلومتراً. ومن الصعب عبور أية طائرة تركية الأجواء السورية قبل الحديث عن قيامها بالقصف ولو ضد داعش والقوات الكردية من دون قبول روسي، بصرف النظر عن القلق في بيان وزارة الخارجية. والأصعب هو التسليم بالمنطقة الآمنة، ان لم يكن ضمن صفقة كبيرة.

ذلك ان حرب سوريا، مثل حروب المنطقة، تدار بالسياسة ويتم تنظيم موازين القوى والتحركات العسكرية ب الريموت كونترول بصرف النظر عن رغبات الأطراف المحلية والاقليمية وحتى قدراتها. أليس هذا هو المشهد في معارك حلب؟ أليس هذا ما جعل الطائرات الأميركية تحمي قوات سوريا الديمقراطية التي معظمها من الكرد في معارك شرق الفرات وفي العبور الى غرب الفرات لاخراج داعش من منبج ثم الانسحاب الى شرق الفرات تنفيذاً لطلب تركي ووعد أميركي؟ أليس الكرّ والفرّ في المعارك وتحديد خطوط تماس في مناطق حساسة قضايا تزان بميزان المصالح الحيوية للكبار؟

الصورة واضحة في ما انتهت اليه المعارك على الأرض: مصير اللعبة يتوقف على ما يدور في الجو. فما سيطرت عليه القوات الكردية والفصائل المسلحة المعتدلة يبقى رهن الحماية الجوية الأميركية. وما حافظت عليه واستعادته قوات النظام والتنظيمات الحليفة لها يبقى رهن الحماية الجوية الروسية. وكل طرف يربح أو يخسر حسب قوة الحماية وضعفها. حتى الطائرات الاسرائيلية فانها تدخل الأجواء، بالتنسيق مع الروس والأميركيين.

ولا أحد يعرف متى وكيف تنتهي هذه اللعبة المعقّدة.