Site icon IMLebanon

الكرة في ملعب «حزب الله»…؟!

ينظر العديد من القوى السياسية والتيارات والشخصيات التي كانت، ولاتزال تصنف في خانة التحالف مع «حزب الله» («المقاومة»)، على ان الحزب وفر لخصومه فرصة لا تقدر بثمن، ليستعيدوا حيويتهم و«يلملموا» جماهيرهم التي تفككت، جراء المواقف المتتالية لقيادات الحزب، ذات السقف العالي والعابر لحدود لبنان، وعلى كل المستويات..

وإذ يرى هؤلاء، ان «حزب الله»، لو اعتمد صيغة «مراعاة» الآخرين، ووقف على آراء حلفائه، في غالبيتهم الساحقة لكان وفَّر على نفسه وعلى هؤلاء ما آلت اليه الأوضاع في البلد، الذي بات على «كف عفريت»، وكلها تصب في خدمة «الأخصام»، لا في «خدمة الحلفاء»، وما كان من داع للأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، ان يندفع بعيداً في حملته على المملكة العربية السعودية، التي تمثل رمزاً دينياً، باعتبارها حاضنة لأبرز «المقدسات الاسلامية» ومرجعية لا يمكن تجاهل وزنها او ادارة الظهر لها، او التحريض ضدها لصالح دولة ايران المتجلببة بجلباب «الدولة الاسلامية».

كان الرئيس سعد الحريري يوم عاد الى بيروت، قد دعا الجميع، خصوصاً حلفائه لمراجعة نقدية لكل المواقف.. وكان على قناعة بأن المسألة ستطول، لكن المواقف التي صدرت عن قيادات «حزب الله» سهلت عليه وله العودة الى ما كان يتطلع اليه وفي زمن مثالي.. واللافت ان العديد من «الشخصيات السنية» التي كانت على خصومة سياسية مع «المستقبل» – وإذ لم تجد أذنا صاغية لدى الحزب او رغبة في الوقوف على آرائها – لم تتردد في كسر الحواجز وراحت الى «بيت الوسط» تصافح الحريري وتجلس معه، وتتبادل واياه الاراء ولتخلص الى مبدئيات تثبيت «كلمة سنية ووطنية موحدة».

لأيام، ولأسابيع، بل ولشهور خلت كان كثيرون يعتقدون ان الاصطفافات القائمة والموزعة بين 8 و14 آذار قد ذهبت مع الريح.. لكن، وان كان هذا ينطبق أكثر ما ينطبلق اليوم على أفرقاء 8 آذار، الذين لم يتوقفوا عن الشكوى جراء تفرد «حزب الله» بالمواقف واحراج الآخرين وعدم الأخذ بآرائهم او على الأقل الوقوف عليها، فإن الواقع يشير الى ان قوى 14 آذار بدأت تستعيد شيئاً من «العصبية» و«الروح الجامعة» – وإن بروية وحذر وتردد، وهي مؤهلة لأن تستعيد مشهدية العام 2005 ان مضت ادارة المرحلة بطريقة سليمة يتشارك فيها الجميع.. خصوصاً ان المملكة العربية السعودية باتت تدرك، هذه الأيام، أكثر من أي يوم مضى، مدى أهمية ان لا يسقط لبنان في يد «المحور الايراني»، تحت أي مسمى كان.. من دون ان تصل الى قناعة بأن الأوراق النافذة والمؤثرة كلها باتت في يدها..

صحيح ان المسألة ليست على هذا القدر من السهولة واليسر والكفاية، إلا أن عودة الرئيس نبيه بري الى بيروت ستشكل محطة بالغة الأهمية في اعادة ادارة الأزمة بين «حزب الله»، و«المستقبل» والسعودية وسائر دول الخليج، لكن الرئيس بري يعرف ان ليس كل ما يتطلع اليه ويتمناه يدركه، حيث تجري رياح الاصطفافات والحسابات المحورية الخارجية بغير ما تشتهيه سفن العديد من الافرقاء اللبنانيين، من أجل انجاز الاستحقاقات البديهية المطلوبة، وفي مقدمها «الأمن والأمان والاستقرار الداخلي وتنفيس الاحتقانات السياسية التي تأخذ طابعاً مذهبياً وطائفياً في الغالب..». لاسيما وان البعض – ممن كانوا على المقاعد الأمامية من جلسات الحوار، ويتهامسون بروح مروحة مع جلسائهم من الافرقاء الآخرين – خرقوا الهدنة، وراحوا يروجون لايقاف الحوارات، على خلفية أنها لم تعد مجدية..

في قناعة البعض ممن كانوا ولايزالون، على مقربة من مواقع القرار، ان «حزب الله»، وعلى الرغم من الأخطاء المتتالية التي ارتكبها ولايزال يرتكبها، لا بد وان يعيد الى الداخل اللبناني حضوره منزهاً من كل الارتكابات، ومن دون الدخول في التفاصيل.. وعلى قاعدة مركزية أساسها ان «الوطنية اللبنانية» وحدها القادرة على توفير شبكة الأمان المطلوبة، وان السلم والأمان والاستقرار في الداخل اللبناني، لا يقوم على قاعدة «منتصر» و«مهزوم» او «مستقو» و«مستضعف» ولا على مدى فاعلية الاستقواء بالخارج، أياً كان هذا الخارج..

صحيح، أنه حتى اللحظة لا مؤشرات ايجابية دالة على ان هذه المراجعة النقدية ستحصل، لكن الحد الأدنى من الانضباط الداخلي، قد يوفر مناخاً لاعادة الحياة الجادة والفاعلة للحوارات المطلوب ان تبقى، لاسيما وان الانقسامات العمودية بلغت مرتبة متقدمة جداً من احتمال وقوع ما كان الجميع يتمنون ان لا يصلوا اليه، مشفوعاً بنصائح وتمنيات أوروبية ودولية، وجوب تجنيب لبنان الانزلاق نحو الفوضى المدمرة، التي لا يفيد منها أي أحد من الافرقاء اللبنانيين ولا أي من مكونات هذا البلد..