تؤكد اوساط سياسية ان ملف العلاقة بين القوات والتيار الوطني الحر عاد الى المربع الاول والى ما قبل تفاهم معراب «المتوفي سريرياً وسياسياً» والى ما قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية. وامس الاول عادت سبحة التعيينات لتكر مع تكريس «سطوة» التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل على المواقع المارونية على إعتبار انه والتيار وكتلة رئيس الجمهورية يعتبرون انهم يمثلون جميعاً الكتلة المارونية والمسيحية والنيابية والوزارية الاكبر في البلد اليوم وعددياً، ما تُرجم في مجلس النواب ومجلس الوزراء يُترجم حكماً في المواقع القيادية الادارية والامنية وخصوصاً في التعيينات المارونية في الفئة الاولى.
في حين ترى القوات انها شاركت في تفاهم معراب و«اوعى خيك» ليكون الشعار الاكثر ملاءمة للواقع وان ينسجم تقاسماً للسلطة في التعيينات وغيرها وهو امر لم يتحقق بمجرد وصول عون الى بعبدا رئيساً. وبين الطرفين اليوم حيث وقع «الانفصال»، «غير الحبي» سياسياً وموت اتفاق معراب سياسياً مع تركه وراءه ندوباً عميقة في وجدان العلاقة بين الطرفين وخصوصاً من جانب القوات التي تعتبر على لسان رئيسها الدكتور سمير جعجع ان باسيل «غدر» به. بينما يرى باسيل ان جعجع يسعى الى مطالب منتفخة وغير واقعية.
وتشير الاوساط الى ان «الحرب الالكترونية» والاعلامية بين مناصري الطرفين ومحازبيهما على اشدها بعد «صفعة» التعيينات في المجلس الدستوري امس الاول في جلسة الحكومة في بيت الدين والتوتر على اشده بين مناصري الطرفين وهناك حالة من الانقسام والفرز الواضح والتي ستزيد مع الوقت وكلما احكم باسيل قبضته على مفاصل الدولة وعلى التعيينات الادارية والمالية والامنية وغيرها. وتقول الاوساط ان الصراع بين باسيل وجعجع بدأ يتوسع ليتخذ اشكالا متعددة مع الحفاظ على نقطة وحيدة وربما تكون «حبراً» على ورق اذا استمر التصعيد بين الطرفين وهي المصالحة المسيحية – المسيحية اي طوي صفحة الحرب الاهلية، ولكن هذه المصالحة تحتاج الى إستكمال ورعاية وصيانة وليس تكريس الانقسام والتناحر بين الطرفين.
وتلفت الاوساط الى ان الكباش سيتصاعد بين باسيل وجعجع حتى نهاية ولاية الرئيس عون وطرح الملف الرئاسي وقتها، ولكن قبل الوصول الى هذه اللحظة والتي هي متوسطة المدى بعد دخول عون عامه الرابع من الولاية، فجعجع يعتبر نفسه الناخب المسيحي الاول بعد تأييده ترشيح عون وباسيل يعتبر نفسه المرشح الماروني الاول على إعتبار ان حظوظ جعجع الداخلية ضئيلة وكذلك الخارجية مع وجود فيتو سوري وايراني وهو امر ليس منطبقاً على باسيل او على المرشح الماروني الابرز بينهما الا وهو سليمان فرنجية الذي يمتلك تقاطعات داخلية وخارجية كبيرة. وبين الرجلين ورغم طول المسار للوصول الى الرئاسة وآوانها، الا ان الوقت وفق الاوساط يمر بسرعة و«يخطف الامور خطفاً». وهذا الصراع السياسي من الطبيعي ان يتجلى وفق الاوساط في التعيينات وفي كل شاردة وواردة تعني المسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً.
وتشير الاوساط الى ان تحسن العلاقة بين الرئيس نبيه بري والوزير باسيل ومع الحفاظ على علاقة ممتازة مع الرئيس عون ومع استمرار بري في نسج المصالحات بين القوى المتخاصمة وليس آخرها الديمقراطي والاشتراكي ويعمل حالياً على ترتيب الاجواء وتهدئتها بين حزب الله والاشتراكي، قد تكون معركة القوات صعبة في مواجهة سيطرة باسيل وعون والثنائي الشيعي على مجلس الوزراء وما جرى من تصويت على التعيينات في «الدستوري» في جلسة بيت الدين مؤشر على ان التحالفات باقية كما هي ولا امكانية لخلطها ولا سيما بعد المصالحة السياسية بعد جريمة قبرشمون. وفي حين يستمر التحالف بين حزب الله والتيار والعلاقة الجيدة بين التيار وامل لن يذهب الثنائي الشيعي الى خوض معركة القوات او الاشتراكي في مواجهة التيار او المردة وقد يفترقان في بعض التفاصيل الداخلية ولكن الامور الاساسية ثابتان فيها مع التيار وعون.
وما يجري في التعيينات المسيحية والمارونية لا ينسحب بدوره على التعيينات الدرزية اذ تجري مفاوضات خلف الاضواء لحسم هوية النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان وهو ينتمي الى طائفة الموحدين الدروز، وتقول الاوساط ان اتفاقاً يجري التفاهم حوله لتقسيم المواقع الدرزية بين جنبلاط والنائب طلال ارسلان والوزير وئام وهاب بنسبة ثلثين لجنبلاط وثلث لباقي المكونات الدرزية على ان يرعى هذا الاتفاق عون وهو ما سيظهر في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء فعند نضوج الصيغة ستُظّهر في التعيينات الدرزية خلالها والبداية ستكون في مصرف لبنان.