أفضل ما قيل خلال الاجتماع الطارئ لقوى 14 آذار الذي دعا اليه الرئيس سعد الحريري قبل يومين، ما ادلى به رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل طارحا فكرة استغلال الازمة التي تسبب بها وزير الخارجية جبران باسيل، ومن خلفه “حزب الله” مع الدول العربية، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، من اجل البحث جديا في كيفية اعادة احياء تحالف 14 اذار والتفكير في ما اذا كان حان الوقت لاعادة النظر في الترشيحات الرئاسية. فالازمة الراهنة ليست الاولى التي يتسبب بها “حزب الله” مع دول مجلس التعاون الخليجي ولن تكون الاخيرة، والموقف الاخير لباسيل لن يكون الاخير ما دام فريقه السياسي متحالفا بهذا العمق مع “حزب الله”، وبالتالي مع المحور الايراني في المنطقة. وطالما استمر باسيل وزيرا للخارجية علينا توقع مزيد من التجاوزات الخطيرة في انعكاساتها على العلاقات بين لبنان ودول الخليج وعلى رأسها السعودية. طبعا ليس باسيل هو اساس المشكلة. اساس المشكلة هو “حزب الله” الذي يمثل في وجوده ووظيفته التهديد الاول والاكبر على لبنان بتركيبته، ونظامه، وتوازناته، ولقمة عيش مواطنيه، ومستقبل ابنائه في بلدهم وخارجه. وما لم يتم التعامل مع “حزب الله” على انه اساس الازمة العميقة التي يعاني منها لبنان على مختلف الصعد سيبقى بلد الارز اسير ازمة ستتعمق اكثر واكثر وصولا يوما الى اندلاع حرب اهلية بصرف النظر عن محاولات اطراف وازنة في 14 اذار تفاديها كما يحصل منذ اكثر من عامين.
في احدى المداخلات التي ادلى بها احد نواب 14 اذار خلال اجتماع “بيت الوسط “، كانت اشارة مثيرة ومخيفة مفادها ان العصابات المسماة “سرايا المقاومة” تمددت خلال عهد الحكومة الحالية على نحو لم يسبق له مثيل على كامل الاراضي اللبنانية في مسعى للامساك بمفاصل البلاد، وطرق المواصلات الرابطة بين المناطق، وانها باتت تعمل على السيطرة العسكرية الكاملة على الطرق الدولية جنوبا وشمالا وشرقا عبر التمركز في العديد من القرى المختلطة. انه مؤشر خطير لما يعده “حزب الله” للمرحلة المقبلة. فقتال اسرائيل بات من الماضي، والحزب المشار اليه يبني استراتيجية لحرب اهلية مقبلة!
لقد دلت الازمة الحالية مع الدول العربية بكل وضوح على ان لبنان يشرف على السقوط تحت اقدام وصاية ايرانية بأداوت لبنانية، وان مرحلة “التهدئة” افاد منها “حزب الله” ليستكمل بناء منظمته الامنية – العسكرية بهدوء، ومن دون عوائق، مستغلا رغبة صادقة لدى الطرف الاخر في تجنيب لبنان صدامات دموية. لكن “غاندية” قوى 14 اذار قوبلت بمزيد من “الغطرسة” وبإمعان في امتهان كرامة فئات واسعة من الشعب اللبناني. هذا الواقع في حال لم يتم تداركه بسرعة من القوة المعتدية على الكيان والتوازنات من شأنه ان يمهد لنشوب حرب داخلية مدمرة ليس مع قوى 14 اذار، بل مع شارع سيخرج عاجلا ام آجلا عن السيطرة، ليُقابل “جنونا” شيعيا بـ “جنون” سني.
لا بد من قول الحقيقة المُرّة لان الوقت يمر ولبنان ما عاد بعيدا عن الهاوية!