IMLebanon

ما دام لا استقالة من النيابة ولا من الوزارة المعركة ضد التمديد تنتهي بـ”ببكي وببقى”

هل يمكن القول إن معركة إحداث فراغ شامل لا خروج منه إلا بعقد مؤتمر تأسيسي قد انتهت بعد التمديد الثاني لمجلس النواب، أم أن المخططين لإحداث هذا الفراغ لا يزالون يملكون أوراقاً عدة لبلوغ ذلك؟

لقد أعلن الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء: “اننا مستعدون لإجراء الانتخابات، وفي حال عدم اجرائها فلا مانع لدينا من التمديد لمجلس النواب لأننا لسنا جاهزين للذهاب الى الفراغ”. ودعا الى الحوار بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” للبحث في تحييد البلد وتحصينه.

لكن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وصف بعد اجتماع “تكتل التغيير والاصلاح” التمديد بعملية “سطو على خيار الناس تجعلنا نعيش مجدداً تجربة 1972 لغاية 1992”.

والسؤال حيال هذا التناقض في المواقف بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” على رغم وجود “ورقة التفاهم” الشهيرة هو: هل في امكان التيار أن يذهب بعيداً في مواقفه عن “حزب الله” والى إحداث فراغ شامل بعدما اعلن السيد نصرالله صراحة أنه يرفض الفراغ، ولكنه لا يمانع في جعل “التيار الوطني الحر” يقود معركة الفراغ الشامل بدعم خفي منه كونها تؤدي الى عقد مؤتمر تأسيسي يعيد النظر جذرياً في اتفاق الطائف وهو ما ترفضه غالبية القيادات المسيحية والسنية، ويفضل “حزب الله” الا يكون قائداً لهذه المعركة إنما “التيار الوطني الحر” الذي غطّاه كما في مواقف أخرى منها تدخله العسكري في سوريا وحقه في حمل السلاح لمقاومة اسرائيل. لكن هل يستطيع “التيار الوطني الحر” أن يذهب وحده في خوض معركة الفراغ الشامل لأنها ستكون معركة خاسرة إلا إذا وجد أنه لم يعد لديه ما يخسره وقد فقد الأمل من إيصال العماد عون إلى قصر بعبدا وبات التوجه نحو اتفاق على انتخاب رئيس توافقي ووفاقي؟

لقد لوَّح الوزير باسيل بعد اجتماع “تكتل التغيير والاصلاح” باتخاذ كل الاجراءات القانونية الممكنة لوقف مسلسل التمديد ومنها الخيارات المدنية والسياسية والشعبية، لكنه يعلم أن غالبية اللبنانيين لا تريد تعريض لبنان لفراغ شامل لأن هذا معناه زوال لبنان، ولأن لا اتفاق على صيغة جديدة له أو نظام جديد عندما يجري البحث فيهما في ظل دولة غير موجودة بكل مؤسساتها وبوجود فريق لبناني مسلح يستطيع أن يفرض على شريكه الآخر غير المسلح الصيغة التي يريد، كما استطاع أن يفرض فريق في الماضي على فريق آخر اتفاق القاهرة، ثم اتفاق الطائف واتفاق الدوحة. فما هي إذاً الاجراءات التي ينوي “التيار الوطني الحر”، اتخاذها لتعطيل قانون التمديد لمجلس النواب باعتباره، كما يقول الوزير باسيل “يشكل سطواً على خيار الناس وإلغاء لمبدأ تداول السلطة والغاء الديموقراطية في لبنان”. هل من هذه الاجراءات عدم الاعتراف بشرعية أي رئيس للجمهورية ينتخبه هذا المجلس الممدد له، توصلاً الى انتخاب مجلس جديد ينبثق من انتخابات نيابية تجرى على أساس قانون عادل ومتوازن يحقق صحة التمثيل لشتى فئات الشعب وأجياله؟ هل بالاستقالة احتجاجاً على التمديد لمجلس النواب، وهو احتمال غير وارد لأن الوزير باسيل نفسه قال: “نحن لن نترك الساحة لأحد”؟ هل بالاستقالة من الحكومة ليقع الفراغ الحكومي، وقد ردَّ باسيل على هذا الاحتمال بالقول: “نحن في قلب الحكومة وفي قلب مجلس النواب وبالكاد نستطيع تثبيت بعض الامور… ولن نعطي هدايا مجانية باخلاء الساحة. نحن نريد أن نناضل في كل موقع سياسي”… وهذا معناه أن لا نضال خارج مجلس النواب وخارج الحكومة، إنما الاكتفاء بالطعن بالتمديد أمام المجلس الدستوري، حتى إذا لم يرفض هذا المجلس قانون التمديد وأخذ بالاسباب القاهرة أو الاستثنائية رضخ “التيار الوطني الحر” لقراره ويكون قد قام بما عليه القيام به وتبرئة لذمته امام الناس.

الواقع ان “التيار الوطني الحر” لن يستطيع وحده ومن دون “حزب الله” الذهاب بعيداً في معركة إحداث فراغ شامل في البلاد إنما يستطيع ذلك إذا تضامن معه الحزب، وهذا غير وارد أقله في الوقت الحاضر، خصوصاً بعدما اكد السيد نصرالله أنه ضد الفراغ، وكل ما يستطيع “التيار الوطني الحر” أن يفعله هو التقدم بطعن أمام المجلس الدستوري وكفى الله المؤمنين شر القتال… فلا استقالة من مجلس النواب ولا استقالة من الحكومة كي يبقى نواب “التيار” في الساحة… وعندها تكون معركة إحداث الفراغ الشامل قد ا نتهت بعبارة “ببكي وببقى”، إذا لم تنتهِ بعبارة “ببكي وبروح”!