IMLebanon

معركة استنهاض المسيحيين؟

استكمالا لمقال يوم السبت وردود الفعل العديدة التي دارت حول مضمون هذا المقال، الذي هدفت من ورائه تحفيز الكنائس المسيحية على انواعها والقيادات السياسية المسيحية والاثرياء منهم في الوطن والمغتربات، على مدّ يد العون للمسيحيين المقيمين، في حملة مركزة لابقائهم في وطنهم، وتمتين ارتباطهم بأرضهم من جهة، وتكثيف جهود تسجيل المغتربين واستعادة جنسيتهم من جهة ثانية، بقصد وقف الخلل الديموغرافي بين المسلمين والمسيحيين وتأمين المناصفة الحقيقية بينهم على الارض، بدلا من العودة الى نصوص على الورق لا يتم احترامها على الشكل الصحيح ولم يكن هدفي الدخول في جدل ومساجلة حول من هو على حق، ومن ليس على حق، في حفلة ترداد لاتهامات يعود تاريخها الى اعوام الثلاثينات من القرن الماضي، حين «استأثر المسيحيون بأكثرية النواب والمناصب الاساسية في الدولة، وتجنيس الالاف من الارمن والكلدان والسريان والاشوريين والفلسطينيين والسوريين المسيحيين… وكأن والكلدان والسريان والاشوريين والفلسطينيين والسوريين المسيحيين…» وكان الذين اثاروا هذه الامور يريدون القول ان ما يجري بحق المسيحيين اليوم ليس سوى ردة فعل على ما فعلوه سابقا.

في رد سريع على هذه الاقوال قبل العودة الى موضوعي الاساس، اشير الى ان سلطات الانتداب بعد ضم عدد من الاقضية الى لبنان الصغير ليصبح لبنان الكبير، ورفض المسلمين السنة الاعتراف بدولة لبنان، وطالبوا بالانضمام الى سوريا اعطوا المسيحيين عددا من الضمانات الموقتة التي يمكن اعادة النظر فيها، ولكن ظروف لبنان الامنية كانت تحول دائما دون البحث في اجراء تعديلات خصوصا في الخمسينات عندما شارك المسلمون في احداث 1958 لاسقاط الحكم في لبنان والانضمام الى وحدة سوريا ومصر، وبعدها في نهاية الستينات وبداية السبعينات وتعاون المسلمين مع المنظمات الفلسطينية المسلحة وشلّ الحكومة والجيش وقوى الامن واعتبار المقاومة جيش المسلمين، وصولا الى اتفاق الطائف وانتزاع صلاحيات رئىس الجمهورية، والوقوف مكتوفي الايدي امام تنكيل نظام الوصاية السورية بالمسيحيين وحقوقهم.

جميع هذه المراحل منذ الثلاثينات حتى اليوم هي مراحل سوداء ومخزية في تاريخ لبنان ويجب تنقية الذاكرة اللبنانية منها وعدم العودة اليها اذا كان هناك رغبة حقيقية عند جميع اللبنانيين، على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم بالعيش معا في ظل دولة مدنية بالكامل، وقوانين مدنية بالكامل، وفصل الدين عن الدولة، اما اذا كانت الرغبة الغاء الطائفية السياسية، واعتماد الديموقراطية العددية لوضع المسيحيين في الزاوية فهذا شأن اخر، يجدر بالمسيحيين مواجهته، ولديهم في هذا المجال الاسلحة السلمية المشروعة الكافية.

*  *  *  *

من هذه الاسلحة الزام الكنائس المسيحية كافة باحتضان ابنائها غير القادرين وتوفير جميع وسائل الدعم لهم، وهي تملك المال والارض والصوت المسموع لدى المسيحيين الاثرياء في لبنان وخارجه وفي المحافل الدولية المسيحية، وادعو جميع المسيحيين على مختلف مذاهبهم، رفع الصوت، والمطالبة بإلحاح، لتحقيق امرين اثنين، اخراج الكنيسة من موتها السريري وتوعيتها الى المخاطر التي تنتظر رعاياها، وافهامها اننا نريد كنيسة تشبه البابا فرنسيس في تقشفه وحبّه الفقراء والمعوزين، والامر الثاني للاحزاب والقيادات المسيحية بالسهر ليلا ونهارا لربط الدياسبورا اللبنانية بأهلهم المقيمين وتأمين تواصلهم معهم بجميع اشكاله.

معركة استنهاض المسيحيين بدأت، لأن وجودهم القوي والمؤثر في هذا الشرق جزء اساس من محاربة الارهاب والارهابيين.