Site icon IMLebanon

هل تشهد حلب معركة حسم الأزمة؟

 

مصير «أبو محمد» الجولاني وإمارة تنظيم «القاعدة» في سوريا ستحدده أيضاً معركة حلب

في الميدان، وكذلك في السياسة، كلام كثير وخيارات كثيرة مطروحة في هذه المرحلة وتتصل بمستقبل الأزمة السورية، في ضوء ما يُحكى عن معركة حسم ربما ستشهدها حلب مدينةً وأريافاً في قابل الايام والاسابيع. فهل هذه المعركة ستحصل فعلاً؟

قبل الاجابة عن هذا السؤال، يعترف سياسي لصيق بالأزمة السورية يتابع مجرياتها يومياً، بأنّ هناك تبايناً في الاجندات بين النظام السوري وحلفائه الاقليميين وبين القيادة الروسية، البعض يعتبر هذا التباين من «عدة الشغل»، أو من وسائل المناورة تحضيراً للمعركة المقبلة، والبعض الآخر يؤكد وجوده فعلياً ويقول انّ لدى الروس حسابات لأجندات تتصل بعلاقتهم مع الافرقاء الآخرين من إقليميين ودوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية، بحيث انّ موسكو لا تحبّذ الحسم الكامل في حلب لأنها تريد ترييح إدارة الرئيس بارك اوباما التي كانت صادقة معها وكرّست تعاوناً بين الجانبين وخرقت عقدة ما بعد أوكرانيا، وهي تبدو حريصة على الاستمرار في سياسة اليد الممدودة في حال فوز رئيس ديموقراطي آخر خلفاً لأوباما.

ويقول السياسي نفسه، انّ معركة حلب الموعودة كانت وما زالت أم المعارك التي تحسم الوجهة الحقيقية التي تسير الازمة السورية على هديها، وإنّ اهميتها تكمن في ما هو متداخل فيها من عناوين إقليمية ودولية، وليس العناوين السورية فقط.

فالعامل التركي موجود فيها، وكذلك بالنسبة الى العاملين الاميركي والسعودي، فضلاً عن العوامل الروسية والسورية والايرانية. لكنّ أهمية حلب، في رأي هذا السياسي، هي انّ الايرانيين يشكّلون العنصر المؤثر جداً فيها، ليس الآن فقط وانما منذ ان طرحت حلب عنواناً استراتيجياً في النزاع السوري، فمنذ ذلك الوقت بَدا الحضور الإيراني فيها حضوراً مؤثراً، وذلك لأنها تحظى باهتمام خاص وبعناية كبيرة لدى القيادة الايرانية ممثلة بالمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية السيّد علي خامينئي.

ولذا، فإنّ هذه المدينة بجبهاتها المختلفة، ستبقى في قابل الايام والاسابيع، وعلى ضوء مؤتمر جنيف ـ 3 والقرار بوقف الاعمال القتالية، هي العنوان المحك لكل مآلات المرحلة المقبلة وموازين القوى التي تتحكم بها.

وعلى هذا الاساس، يضيف السياسي نفسه، أنّ الانظار ستبقى شاخصة الى حلب لأنها هي التي تحدد حجم قدرة تأثير تركيا في الملف السوري، وتكشف حقيقة النيات الاميركية في التعاطي مع الجانب الروسي، وهل انّ الاميركيين يخدعون الروسي أم انهم سائرون معه حتى النهاية في الحل والقواعد المطروحة لهذا الحل.

وفي ضوء ذلك فإنّ مصير «ابو محمد» الجولاني وإمارة تنظيم «القاعدة» في سوريا ستحدده ايضاً معركة حلب، لأنّ «جبهة النصرة» المنبثقة من «القاعدة» أصلاً، هي التنظيم الاساسي الموجود على جبهات حلب الغربية والجنوبية وفي داخل المدينة نفسها.

ويضيف السياسي اللصيق بالاوضاع السورية انّ رؤية الرئيس بشار الاسد لوحدة التراب السوري تحددها معركة حلب ايضاً، وعلى هذا الاساس ستكون حلب هي المعيار والمحك في الاسابيع المقبلة التي ستشخص اليها الأنظار لأنها هي الامتحان لطريقة تَموضع جميع القوى.

ويشير السياسي الى انّ القوات الايرانية التي دخلت اخيراً الى سوريا هي للمرة الاولى قوات نظامية تابعة للجيش الايراني (اللواء 65)، وقد بادرت ايران الى الاعلان رسمياً عن إرسال هذه القوات في إشارة علنية الى انّ انخراطها في الحرب السورية يُعلن عنه للمرة الاولى رسمياً وعبر قوات نظامية ايرانية تتبع للجيش، وفي هذا دليل على انّ الشراكة الايرانية علنية في هذا العنوان.

ويسجل السياسي انّ الطرف الآخر المعارض للنظام لا يسلّم أوراقه بسهولة. ويؤكد انّ التصعيد الذي لجأ اليه هذا الطرف تزامَن مع معلومات تحدثت عن الاميركيين الذين سَهّلوا نقل آلاف من أطنان السلاح الى سوريا بعد الاعلان عن وقف الاعمال القتالية، وهذا أمر يرى فيه الروس والنظام وحلفاؤه ما يشير الى نيّات الجانب الاميركي في المرحلة المقبلة لجهة التسليم بمسار الحل السياسي للأزمة السورية على أساس مؤتمر جنيف، او الاستمرار في الرهان على التنظيمات المتطرفة كعنصر أساسي في رسم سياساتهم المستقبلية إزاء النظام في سوريا وفي المنطقة عموماً.