IMLebanon

معركة التمكين السلطوي في لعبة معقّدة ومتشعّبة

 

حرب الحكومة تدور على أكثر من جبهة بالطبع، وتدار بحسابات محلية وحسابات اقليمية ودولية. واذا كانت المحاور المحلية أصيلة على العموم لا وكيلة، فان الانفتاح كامل بين الجانب الداخلي والجانب الخارجي في المحاور. ومن الوهم تصور تأليف الحكومة في معزل عن التأثر بصراع المحاور في المنطقة، وان ارتفع منسوب الاهتمامات اللبنانية الخالصة. فنحن على مسرح التصادم بين تمدّد المشروع الايراني حسب استراتيجية طهران وبين كبح النفوذ الايراني حسب استراتيجية واشنطن، وهو جزء من حرب سوريا أو بالعكس كما يرى بعض المحللين. ونحن على شاشة الصراع العربي – الاسرائيلي وفي مسار التنافس والتفاهم بين أميركا وروسيا على ادارة النظامين الاقليمي والعالمي، كما في حسابات السعي الأوروبي، والفرنسي خاصة لدور وازن مع الكبار. ونحن في خضم المعركة بين صعود لبنان الايراني وعودة شيء من لبنان السوري وبين رهانات لبنان السعودي ولبنان الأميركي.

والمبدأ المعلن في تأليف الحكومة يبدو موضوعيا ومنصفا: تمثيل الكتل النيابية حسب الأحجام التي أفرزتها صناديق الاقتراع. لكن تطبيق المبدأ يصطدم بوقائع ورغبات وألعاب من النوع الذي نختصره عادة بالمثل الشهير القائل ان الشيطان يكمن في التفاصيل، مع ان الحقيقة المطلقة تكمن في التفاصيل كما يقول الفيلسوف هوبز. فالكل يكرّر القول انه لا أحد يريد أو يستطيع إلغاء أحد في لبنان.

 

وأقل ما نراه ونسمعه حاليا هو مفارقة في الضغوط: ضغوط وعقوبات أميركية وخليجية على حزب الله. وضغوط محلية على القوات اللبنانية. والأسباب مختلفة بالطبع، وإن كانت القوة نوعاً من قاسم مشترك. حزب الله هو اليوم في أقوى أيامه في لبنان وكصاحب دور إقليمي. والقوات اللبنانية كرّست قوتها في الإنتخابات، ولو جاءت ضعيفة لما كانت محل استهداف.

وليس من السهل على الرئيس المكلف سعد الحريري التوصل الى تصور عملي للحكومة من خلال الصور والمطالب التي قدمتها الكتل النيابية، كما من خلال القراءة في المواقف الإقليمية والدولية. وهو يوحي، حتى إشعار آخر، انه لا يزال يقف في المنطقة الرمادية، من حيث يراهن كل طرف على موقف للرئيس المكلف يدعمه. أما المواقف المحددة والأصوات المرتفعة، فإنها تلك التي يعمل أصحابها على تكريس نوع من التمكين: تمكين حزب الله داخل السلطة في الإطار الدستوري والقانوني بعد القوة والغلبة. وتمكين التيار الوطني الحر داخل المجلس النيابي والحكومة والإدارة بعد رئاسة الجمهورية.

لكن اللعبة في لبنان ومن حوله أشد تعقيداً من ذلك. وهي تدخل في المحظور من دون الدور الأساسي للرئيس الحريري والآخرين الذين هم لاعبون مهمون، لا ديكور.