Site icon IMLebanon

معركة باسيل في ملف «العمالة الفلسطينية خاسرة» ولن يستطيع تجاوز «فيتو» حزب الله

 

اذا كان بعض اللبنانيين يدعون انهم غير «عنصريين» او انهم يتعاملون مع ملف «العمالة» الفلسطينية انطلاقا من «زاوية» قانونية بحتة، فان الكثير في الداخل لا ينظر الى هذه المزاعم بادعاء «البراءة» على نحو جاد، وفي الخارج ثمة من يراهن مرة جديدة على تلك الاصوات اللبنانية التي تعودت «فتح» «معارك» في توقيت خاطئ وضمن «لعبة» «الزواريب» الضيقة، والمزايدات السياسية والطائفية التي لن تؤدي الا الى المزيد من المآسي للشعبين اللبناني والفلسطيني…

 

هذه خلاصة ما توصلت اليه مصادر وزارية بارزة تحدثت عن تصرفات «كيدية» يقوم بها البعض دون اجراء حسابات دقيقة لقرارات ستؤدي حكما الى انفجار «القنبلة الفلسطينية» الموقوتة في توقيت سيئ للغاية على الساحة اللبنانية، واذا كانت القوات اللبنانية تتهم جهات سياسية داخلية وفلسطينية باستغلال قرارات وزير العمل كميل ابو سليمان، لتحقيق مآرب بعيدة كل البعد عن حقوق الشعب الفلسطيني فما عليها الا نزع «فتيل» هذا الانفجار منعا لمزيد من الاستغلال ولقطع الطريق على اي جهة تريد «الاصطياد» في «الماء العكر» والا من حق الاخرين «الشك بالنوايا»..

 

لكن المفارقة ان هذا الامر لا يحصل بل يستمر «العناد» على حاله في ظل الشلل الذي يضرب مجلس الوزراء العاجز عن الانعقاد بسبب الخلاف على هوية القضاء المختص في متابعة حادثة البساتين… ووفقا لتلك الاوساط، فان انضمام وزير الخارجية جبران باسيل الى «جوقة» «المطبلين» بضرورة تطبيق القانون، داعما «بخبث» قرار وزير القوات اللبنانية، جاء على خلفية «القوطبة» على «معراب» التي سبقها رئيس التيار الوطني الحر في «المزايدة» في ملف النازحين السوريين، وكان باسيل واضحا في موقفه لجهة التاكيد انه يقف على «يمين» «القوات» في ملفات مشابهة، وذلك ليس مراعاة للمصلحة الوطنية، وانما هو جزء من «الصراع» المستمر «للهيمنة» على «الشارع» المسيحي بخطابات «تدغدغ» المشاعر الطائفية ولو كان ذلك على حساب «رأي» الشركاء الاخرين الذين يعتبرون الملف الفلسطيني «خطا احمر»…

 

وفي هذا الاطار، تشير تلك الاوساط الى ان باسيل «يحفر» بذكاء للقوات اللبنانية في هذا الملف، فهو يدرك جيدا ان الذهاب الى النهاية في هذه «المعركة» امر غير واقعي ولا يتوافق مع المعطيات السياسية الداخلية والخارجية التي يعرفها جيدا، فحليفه حزب الله قد يغفر كل «الخطايا» الا خطيئة «اللعب» في الملف الفلسطيني الذي يقع في «رأس اولولياته» ولا يمكن ان يقبل تحول المخيمات الفلسطينية منطلقا لتفجير الساحة اللبنانية، حيث ينتظر الكثيرون «الفرصة» لتحويل هذه «الخاصرة الرخوة» الى ازمة مفتوحة ستصيب اولا المقاومة في لبنان، وتحول ملف اللاجئين من قضية ضاغطة على المجتمع الدولي باعتبارها مأساة انسانية تسببت بها اسرائيل، الى قضية داخلية لبنانية «وجرح» «مفتوح» على ازمات كبرى قد لن تنتهي قريبا…

 

طبعا موقف حزب الله الحاسم، لا يقل في قوته عن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، العالم جيدا بما «يطبخ» للقضية الفلسطينية، وكذلك موقف رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تكاد عمته النائبة بهية الحريري تتواصل معه «ساعة بساعة» في هذا الملف، لمعرفتها الجيدة بما يمكن ان تصل اليه الامور اذا ما خرجت الامور عن «السيطرة»… وانطلاقا من هذه المعطيات يدرك باسيل ان هذه «المعركة» ستكون خاسرة، فهو لا يستطيع ان يدخل في مواجهة مفتوحة مع حزب الله في هذه المسألة «الحساسة»، ولن يكون قادرا على تجاوز «فيتو» «حارة حريك»، ولذلك يشجع رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع على خوضها، لان خساراتها ستكون من «كيس» «معراب» وليس من «كيسه»، واذا ربحها يكون «شريكا مضاربا» بدعم لفظي لا «يثمن ولا يغني عن جوع»..

 

ولان توقيت الازمة شديد الخطورة، تتابع السفارات الغربية على نحو دقيق مجريات الامور خاصة الميدانية منها، الاوروبيون قلقون وقد عبروا صراحة عن القلق من خلال سفرائهم في بيروت، وكذلك الامم المتحدة التي تعاني ازمة حقيقية بملف تمويل «الانروا»، في المقابل ينشغل الاميركيون في كيفية ايجاد فرصة مؤاتية للاستفادة من هذه الاحداث لتوظيفها في خدمة «التسويق» «لصفقة القرن»، وتبدو السفارة الاميركية في بيروت منشغلة هذه الايام بإعداد تقارير ميدانية لتكون جاهزة الاسبوع المقبل، بالتزامن مع جولة صهر الرئيس دونالد ترامب جاريد كوشنر على رأس وفد اميركي كبير في الشرق الأوسط لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل خطته المقترحة للتنمية الاقتصادية للفلسطينيين والأردن ومصر ولبنان، التي يبلغ حجمها 50 مليار دولار… واذا كان لبنان غير مدرج على جدول اعمال الزيارة التي ستشمل إسرائيل والأردن ومصر والسعودية وقطر والإمارات، فان الملف اللبناني سيكون حاضرا من زاوية الاحداث الاخيرة حيث تشجع الادارة الاميركية على ايجاد نظام قانوني واضح ينظم الوجود الفلسطيني على الساحة اللبنانية يؤدي الى نزع صفة «اللجوء» عنهم وهو امر يرغب به البيت الابيض بشدة لتكريس واقع التوطين.

 

ولفتت تلك الاوساط، الى ان اللاجئين الفلسطينيين واكثرهم ولدوا في لبنان، لا يتمتعون بالحقوق التي يتمتع بها العمال الاجانب وهم محرومون من شتى حقوق التملك والعمل في الكثير من المهن، وقد جاء قرار وزارة العمل اللبنانية لجعل وضعهم كوضع المهاجرين الأجانب ليطرح الكثير من علامات الاستفهام… والسؤال الذي ستواجهه الدولة اللبنانية لا حقا هو التالي: كيف يتم التعامل مع الفلسطيني كلاجىء عندما يطالب بحقوقه ويتم التعامل معه كاجنبي عندما تجري مطالبته باحترام الدولة المضيفة؟ والاجابة عن هذا السؤال ستكون كفيلة بتغيير الوضع القائم بما يخدم لاحقا التوجهات الاميركية بابقاء هؤلاء حيث هم سواء قبل لبنان «بالثمن» المادي او «ببلاش»..فهل ستكون هناك اي حجة لا حقا تبرر حرمان الفلسطينيين من شتى الحقوق التي يتمتع بها العمال الاجانب في الدول الغربية؟ وما هو جواب الدولة اللبنانية حيال إبقائهم تحت «الإقامة الجبرية» في مخيمات هي اقرب الى «السجن الكبير» من مكان للآدميين…؟

 

وفي هذا الاطار، لا تملك الدولة اللبنانية «ترف» ترك هذا الملف «الخطير» في «مهب» المزايدات الداخلية، يحتاج الامر الى مسؤولية وطنية يترفع فيها الجميع عن مصالحهم الضيقة، والقوى الاساسية المعارضة لقرارات وزير العمل تدرك حجم الازمة، ولذلك تتدرج في «رفع صوتها» لاعادة الامور الى نصابها، وستتاح «الفرصة» يوم الجمعة المقبل للامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لإطلاق «النداء التحذيري» الاول في هذا الاطار وبعده «يبنى على الشيء» مقتضاه اذا لم تجد الازمة طريقها الى الحل…؟