IMLebanon

معركة جرود عرسال حتّمها الإنتهاء من معارك محيط دمشق

    حلّ مسألة النازحين مرتبط بالتقدُّم على جبهتي جنيف والأستانة

يترقّب اللبنانيون معركة القلمون على الحدود الشمالية الشرقية لتطهير المنطقة الحدودية من التنظيمات الإرهابية، وعينهم على الحملات المُركّزة على الجيش اللبناني الذي يتحضّر بدوره لتحصين الداخل من أيّ ارتدادات قد تنتج عن هذه المعركة المُفترضة قريبا.

وفيما الأنظار مُوجّهة الى الحدود، فإنّ التداعيات التي أرستها الحملات على الجيش من بوابة التظاهرة التي دعا إليها ما يُسمّى «اتحاد الشعب السوري في لبنان» عبر صفحته على الفيسبوك قد ساهمت بحشد المزيد من التأييد للمؤسسة العسكرية وبيّنت حجم الدعم الشعبي والرسمي لها، ما أفشل كلّ المحاولات الرامية الى وضعها في دائرة الاتهام والتصويب عليها من بوابة الوضع الإنساني للنازحين السوريين وعدم احترامها حقوق الإنسان.

وإذا كانت التحرّكات التي تشهدها حدود لبنان الشمالية الشرقية محلّ متابعة محلية ودولية بالنظر الى المساعدات التي توفّرت للجيش في معركته ضدّ الإرهاب، لاسيما الأميركية منها وما يصل تباعا الى مطار رياق العسكري، فإنّها تشكّل كذلك جزءا من مجمل المعركة الدائرة ضدّ داعش والنصرة في المنطقة، وبشكل خاص جزءا من تطوّرات الحرب السورية التي تجسّد معركة القلمون أساسا فيها.

وبحسب مُحلّلين عسكريين فإنّ ما جرى في الأشهر الأخيرة من تطوّرات وعمليات استباقية كانت في سياق التحضير لمعركة الجرود المشتركة بين لبنان والقلمون السوري، وما تعزيز مواقع الجيش اللبناني على طول الحدود إلا جزءا من هذا المشهد كي لا يتكرّر دخول العناصر الإرهابية الى بلدة عرسال في آب العام 2014 عندما حاولت الجماعات المسلّحة السيطرة على البلدة بعد خطفها نحو 40 عسكرياً لبنانياً لا يزال 9 منهم لدى تنظيم داعش.

ويشير هؤلاء الى أنّ ما بات يحتّم معركة الجرود هو الانتهاء من معارك محيط دمشق بالكامل بعد تسوية أوضاع مضايا والزبداني، لتبقى فقط مناطق الغوطة الشرقية وبعض جرود القلمون، لا سيما أن  فُرَص المناورة أمام المُسلّحين في القلمون وجرود عرسال ورأس بعلبك ومشاريع القاع قد ضاقت.

وبالتوازي مع معركة الجرود، لا يزال ملفّ عودة النازحين السوريين في الواجهة في ضوء الإنقسام بين مؤيّد للحوار مع النظام السوري ورافض له. وفي هذا السياق يُرتقب أن يقدّم وزراء «القوات» في الجلسة المقبلة للحكومة الورقة التي أعدّتها وزارة الشؤون الإجتماعية والتي تقضي بالحوار مع سوريا عبر الأمم المتحدة بغية إعادة النازحين الى مناطق آمنة. وبنظر مراقبين، فإنّ مواقف الأفرقاء من هذا الملفّ لن تكون ثابتة ربطا بتطوّرات الملفّ السوري، ومواقف الدول الكبرى من مسار الأزمة، وأبرزها موقفان: الأوّل للولايات المتحدة التي سلّمت روسيا تفاصيل المسار السياسي شرط إبعاد إيران عن مجمل العملية وهو ما رشح عن قمّة هامبورغ، والثاني لفرنسا التي يدأب رئيسها إيمانويل ماكرون على التأكيد في الفترة الأخيرة أنّ رحيل الرئيس السوري بشار الأسد ليس أولوية ولم يعد شرطا مسبقا للحلّ السياسي.

ويضيف هؤلاء أنّ ملّف النازحين، الذي يخصّ ثلاثة عشر مليون نازح سواء في الداخل أو في دول الجوار كلبنان وتركيا والاردنّ، لن يشهد تطوّرات سريعة إلا إذا شهدت المفاوضات السياسية في جنيف والأستانة تقدّما ملموسا حول تقاسم مناطق النفوذ، وما سيتأتّى عن هذا التقاسم من توازنات ديمغرافية جديدة ستحدّد هي الأخرى الأماكن التي سيعود إليها النازحون والتي قد لا تكون بالضرورة قراهم ومدنهم الأصلية.