IMLebanon

معركة رئاسة الجمهوريّة… ما زالت مُستمرّة ؟!

 

معركة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً لم تنته فصولاً بعد، وساعات الودّ بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه برّي لم تتحوّل الى أيام وشهور، حتى ان الساعات تراجعت الى دقائق، قبل ان «تصغّر» وينفجر الخلاف المكتوم بين الرجلين امس، ويردّ برّي على عون الذي دعاه الى مراجعة القضاء بخصوص مرسوم انصاف ضباط دورة عون، الذي وقعه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ووزير الدفاع، ولم يمرّ على عين التينة ليوقعه وزير المال علي حسن خليل باسم الشيعة، القوة الثالثة في البلاد.

بري الذي أعلن موت الطائف، قال لرئيس الجمهورية «الضعيف «يذهب الى القضاء» وغمز من قناة القضاء والوزير جريصاتي عندما قال عنه انه «منتم» بمعنى ان القضاء لا يكون نزيهاً وحراً اذا كان وزيره منتمياً الى حزب».

يأتي تصريح رئيس المجلس النيابي، بعد انباء نشرت امس ان وزير المال لن يوقع أي مرسوم في كافة قطاعات الدولة قبل ايجاد حلٍ لمرسوم الضباط «غير الدستوري وغير الميثاقي» كوسيلة ضغط على عون وعلى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي سبق له واعلن انه لن يوقع المرسوم، وهذه الخطوة من شأنها ان تشلّ البلد تماماً على الصعيدين الاقتصادي والمالي، واشارت مصادر دستورية تعقيباً على المرسوم ورفضه وموقف وزير المال، انه «اي المرسوم» ليس سوى حلقة من الخلل الحاصل في تفسير اتفاق الطائف او في تطبيقه، ولذلك تتوالى الازمات في لبنان، وتأتي الحلول المجتزأة لتزيد في تعميق الخلل.

في المبدأ، وعلى ما درجت العادة، ستسارع الاطفائيات المولجة باهماد الحرائق السياسية والدستورية، والمذهبية والطائفية، التي تشتعل كما تشتعل حرائق الغابات في لبنان، الى انقاذ ما يمكن انقاذه من التسوية المهزوزة في اكثر من مكان التي أوجدت العهد العوني وتركيبته، خصوصاً ان البلاد لم تستوعب بعد ازمة استقالة الحريري والعودة عنها وما افرزت من تداعيات ما زالت «تجرجر» حتى الساعة، اضافة الى ان الانتخابات النيابية على الابواب، والمجتمع الدولي يطالب بها لضمان الاستقرار في لبنان، وبعض المراقبين والمحللين، يعتقدون ان الازمة الحاصلة، جزء من السباق لاكتساب الشعبيات، واستعمال الاسلحة المحرّمة وغير المحرّمة في سبيل ذلك، كما ان موقف برّي والنائب وليد جنبلاط، والنائب سليمان فرنجية، والبطريرك الماروني بشاره الراعي، برفض مقاطعة اي مكوّن سياسي او محاولة عزله، قد افشلت خطة عزل حزبي الكتائب والقوات اللبنانية وشخصيات ذات حيثية شعبية، قد يكون سبباً اساسياً في قيام نفور بين حلفاء دعم سعد الحريري عند استقالته، اضافة الى رفض برّي اجراء اي تعديل على قانون الانتخابات، لا سيما تمديد مهلة تسجيل المغتربين الراغبين بممارسة حقهم الانتخابي حيث هم.

* * * *

بالعودة الى قداس الميلاد في بكركي، يعتقد احد النواب الذين كانوا يشاركون في القداس، ان اللقاء المنفرد بين عون والراعي لم يكن ناجحاً مئة بالمئة، وعظة البطريرك كشفت اختلافات في الرأي بين الرجلين، فالبطريرك ركّز على رفض «الغاء او تقييد الحريات العامة» كما دعا الى التنوّع الحزبي وعدم التفرّد بالسلطة معتبراً ان التنوّع والحرية توأمان، ولم ينسَ الراعي ان يذكّر عون بأن ثلث اللبنانيين اصبحوا تحت خط الفقر، في اشارة الى تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

هذا التأزم المتجدد بين عون وبرّي، قابله من ناحية اخرى جوّ متفائل بحذر بامكان الوصول الى معالجة بين الرئيس الحريري والدكتور سمير جعجع، بعد الاتصالات الهاتفية بين الرجلين بدأها الحريري، وعاد جعجع واتصل به، وكان بالطبع اتصال اجتماعي لتهنئة جعجع بعيد الميلاد، لكن يمكن البناء عليه لتزخيم الاتصالات السياسية.

عسى ان تنجح المساعي في الجانبين، وتعود المياه السياسية الى مجاريها الاقتصادية «المنشفة».