IMLebanon

معارك رئاسة الجمهورية… وهميَّة

تدور حسابات القوى السياسيّة وتركّز على أنّ معركة مجلس النواب المقبلة هي معركة رئاسة جمهورية 2022، في اعتبار أنّ النتائج ستحدّد اتّجاه رياح مشاريع الرؤساء وأسهمهم.

لا يمكن التكهّن منذ الآن بما ستحمله الانتخابات النيابية المقبلة من نتائج، فكيف الحال بالنسبة الى رئاسة الجمهورية، بغضّ النظر عن هوية الماروني الفائز أو حتى «المكتسح» لمقاعد المجلس. لكن، وعلى رغم كلّ ضجيج المعارك، فإنّ المجلس المقبل لن يكون سوى مهندس لتوازنات القوى السياسية والسلطة التنفيذية التي ستعمل تحت سقف العهد.

وفي الحسابات القانونية، إذا تمّ انتخاب مجلس النواب في التاريخ الذي حُدِّدَ له، أي في 6 أيار 2018، فإنّ ولايته ستنتهي في 6 أيار 2022، إذا لم يُمدّد له، في حين أنّ انتخابات رئاسة الجمهورية جرت في 31 تشرين الأوّل 2016، وستنتهي الولاية الرئاسيّة في 31 تشرين الأوّل 2022، أي أنّ المدة الفاصلة بين انتهاء ولاية المجلس وولاية الرئيس هي أكثر من 5 أشهر، وبالتالي، فإنّ الهيئات الناخبة ستُدعى إلى انتخاب مجلس نوّاب جديد بدءاً من 6 شباط 2022 أي قبل 8 أشهر تقريباً من انتخابات الرئاسة، من هنا فإنّ مجلس 2022 هو من سينتخب الرئيس العتيد وليس مجلس 2018.

في تاريخ لبنان حصلت استثناءات عدة دفعَت الى تقريب انتخابات رئاسة الجمهورية، ففي عام 1952 نفّذت المعارضة انقلاباً أبيض على الرئيس الراحل بشارة الخوري، ما اضطرّه إلى التنحّي قبل 3 سنوات من نهاية ولايته المجدّدة، في حين أنّ الرئيس كميل شمعون أبى إلّا أن يكملَ ولايته حتى اليوم الأخير على رغم الثورة التي قادتها المعارضة المتحالفة مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر آنذاك ضدّه.

أمّا تقريب الانتخابات الرئاسية فحصَل عام 1976 قبل أشهر من انتهاء ولاية الرئيس سليمان فرنجية بعد الحرب التي أشعلتها منظمة التحرير الفلسطينية في الداخل اللبناني، حيث أنتجَت التسوية الأميركية – السورية انتخابَ الياس سركيس في 8 أيار 1976 وتسَلّم مقاليد الحكم في 23 أيلول من العام نفسه.

أمّا عام 1988 فقد دخلت البلاد الفراغ من ثمّ انتخَب مجلس 1972 الممدَّد له، الرئيس رينيه معوّض في 5 تشرين الثاني 1989 لكنّه استُشهد، فانتُخِب الياس الهراوي خلفاً له، علماً أنّ هذا المجلس انتخَب أيضاً الرئيس الشهيد بشير الجميّل والرئيس أمين الجميّل.

أمّا في التاريخ القريب، فقد تمّ التمديد لمجلس 2000 لكي ينتخب هو رئيس الجمهورية عام 2004. فيما انتخَب مجلس العام 2009 الممدَّد له الرئيس ميشال عون، وبالتالي فإنّ التمديد للمجالس ليس غريباً عن لبنان.

تكثر النظريات التي تحاول القولَ إنّ هذه الانتخابات هي انتخابات الرئاسة، لكن من الآن حتى 5 سنوات ونصف سنة يخلق الله ما لا تعلمه الطبقة السياسية، فلو عدنا خمس سنوات إلى الوراء، أي إلى عام 2012 لا أحد كان يَعلم ماذا سيحصل، فمن كان يتوقع أن يُمدّد للمجلس مرّتين؟ ومن كان يدري أنّ البلاد ستدخل الفراغ الرئاسي سنتين ونصف سنة؟ ومن كان يتوقع أن تنحرفَ «الثورة السورية» إلى ما وصلت إليه؟

من كان يتنبّأ أنّ عون سيصبح رئيساً؟ ومن كان يعلم أنّ الدكتور سمير جعجع وعون سيتصالحان ويصبحان حليفَين؟ ومن كان يقول إنّ «الحراك المدني» سيَخرج الى الشارع في مطالب معيشية وليست سياسية؟ من كان يتوقع أن يتوغّل «حزب الله» في الحرب السورية؟ ومن كان يفكّر في أنّ المنطقة ستشهد ولادةَ «داعش»؟ ومن كان يتوقّع أن نصل إلى الوضع الذي وصلنا إليه حالياً؟

كلّ ما يحصل هو ضرب في الرمل وتنجيم، فمعركة الرئاسة يساهم الداخل فيها بنسبة قليلة، لكنّ الكلمة الفصل هي للخارج، خصوصاً أنّ أحداً لا يملك رؤية للأشهر المقبلة، فكيف الحال بالنسبة إلى الرئاسة، خصوصاً أنّه لم تمرّ على رئاسة عون سوى سبعة أشهر من أصل 6 سنوات وبقيَ له 5 سنوات و5 أشهر.