Site icon IMLebanon

بداية تكريس انهيار الدولة؟!

 

جاء سحب حزب الكتائب وزيريه من الحكومة بمثابة تأكيد على ان لا مجال ابداً لتعايش الحزب داخل حكومة لم تعد سلطة تنفيذية بقدر ما هي سلطة امر واقع كما يراها الرئيس تمام سلام حيث قال ان لا مجال امامه لان يتابع عمله جراء التباينات الحاصلة، اضف الى ذلك قول احد المراجع ان الحكومة اصبحت في مجال تصريف الاعمال من لحظة عدم انتخاب رئيس للجمهورية، اضف الى  ذلك انها تحولت الى سلطة امر واقع بعد استقالة وزير العدل اللواء أشرف ريفي، حيث لا سابقة في تاريخ الحكومة ان استقال وزير من غير حاجة الى تعيين بديل عنه؟!

المهم من وجهة نظر حزب الكتائب انه لم يعد قادراً على التعاطي داخل الحكومة نتيجة الخلافات وتخطي اية محاولة للتفاهم داخلها ما جعلها غير قابلة للحياة بحسب اجماع من تمت مراجعتهم بهذا الصدد الدستوري والقانوني ممن لهم قدرة على اعطاء رأي في لا مجال للاخذ به، بعد الذي صدر عن الرئيس تمام سلام من قول لا مجال لتجاهله جراء التباين داخل مجلس الوزراء في الكثير من الامور وآخرها ملف النفايات وملف سد جنة وملف جهاز امن الدولة، وهي من الامور الخلافية لا مجال للخوض في صوابيتها من وجهة نظر اي وزير، باستثناء ما يقال عن تقصير مقصود في مجال ممارسة السلطة التنفيذية دورها السياسي والاداري؟!

وطالما ان لا رئيس جمهورية، وبعدما ارتفاع عدد الوزراء المستقيلين، فإن الامور لم تعد مهيأة امام الحكومة سوى للقول انها حكومة تصريف اعمال، فيما يصر البعض على اعتبارها وكأنها لم تعد موجودة، حتى ولو اقتضى الامر توقيع البقية الباقية من الوزراء على قبول استقالة الوزراء الثلاثة، حيث لا بد وان يعني ذلك الدخول في متاهة المغامرة الغوغائية التي لا سابقة لها في الحياة السياسية في لبنان، الا في حال الرغبة في استمرار تآكل السلطات جراء الفراغ الرئاسي وجراء الفراغ المهيمن على مجلس النواب الذي لم يعد يعرف ما اذا كان لا يزال سلطة تشريعية بقوة الامر الواقع، اضف الى ذلك حال الهريان المسيطرة على حكومة نافذة الصلاحية؟!

وما يثير التساؤل انه لا يجوز بعد اليوم عقد جلسات لمجلس الوزراء، لان قراراته ستكون عرضة للطعن السياسي والدستوري، فضلاً عن انعدام الصدقية في اجراءات الدولة من غير حاجة الى تحميل اي طرف مسؤولية ممارسة السلطة الغائبة بفعل النقص الحاصل في مجلس الوزراء من دون قدرة اي طرف على سد الفراغ بوسيلة دستورية – ميثاقية، هذا في حال استمر الوضع الوزاري على ما هو عليه من نقل نقص عددي مشكو من سلامته القانونية؟!

هذه الامور لم تعد مقبولة من غير حاجة الى توقف اي طرف عند مزاجية استقالة الوزراء الثلاثة، ليس لانهم قد استقالوا فعلاً، بل لأنه يتعذر تعيين بدلاً عنهم، بحسب اجماع آراء المسؤولين والقانونيين في العلم الدستوري!

ومن الآن الى حين معرفة المدى السياسي الذي يمكن للحكومة السير به في غياب ثلاثة وزراء، ثمة من يجزم بأن لا مجال بعد اليوم لعقد جلسات لمجلس الوزراء الذي بلغ حد انعدام الوزن والوجود، فضلاً عن ان الشك سيلازم عمل الحكومة في حال استمرت على رغم استقالة الوزراء، مع ما يعنيه ذلك من استمرار الطعن في قراراتها كما تؤكد معلومات العارفين في العلم الدستوري (…).

وفي المقابل، فإن حزب الكتائب سيتحول تلقائياً الى المعارضة السياسية الى جانب ما يشكله حزب القوات اللبنانية وحزب الوطنيين الاحرار، اي ان الحكومة ستكون عرضة لمقاطعة مسيحية مارونية ذات ثقل، فضلاً عن ان مجالات الاستقالة ستبقى مفتوحة امام وزراء حزب التيار الوطني الذي سيجد نفسه وهو يغرّد خارج السرب المسيحي، وعندها لن تكون حكومة ولن يكون مجلس نيابي ولا رئيس للجمهورية، ما يعني ان قرار تفريغ السلطة من مبناها ومعناها غاية سياسية في حد ذاتها تلبي مصلحة من له مصلحة في انهيار مؤسسات الدولة ككل؟!

خلاصة الامر، لا تبدو استقالة وزيري الكتائب مجرد تصرف احترازي من جانب الحزب، خصوصاً ان الامور التي حتمت الاستقالة اصبحت واضحة ولا مجال لكلام آخر كي لا يقال ان بالامكان العودة، عن الاستقالة مهما اختلفت الظروف التي من واجب الجميع اخذها في الاعتبار كونها  واضحة وصريحة بحسب اجماع المراقبين ومتتبعي التطورات.

ان الاستقالة قد دخلت فعلاً حيّز التنفيذ، نظراً لواقع الحال داخل مجلس الوزراء وخارجه، ان لجهة المفهوم السياسي الذي املى اتخاذها، على اساس ان لا عودة عنها، او لجهة ما قاله الوزير قزي عن متابعة العمل في مجال تصريف الاعمال، حيث لا يعقل ان يفهم من الاستقالة انها مجرد خطوة لا بد منها، لا سيما في مجال التعبير صراحة عن وجهة نظر ازاء كل من المواضيع ذات العلاقة بمصير العمل الحكومي حتى وان كان المقصود شل العمل الوزاري ومنع العودة الى احياء نشاطات مجلس الوزراء؟!