IMLebanon

بداية النهاية لداعش: عدو خدم الجميع

ثمن النصر الكبير في الموصل كبير جدا، لكن مستقبل العراق يستحق التضحيات. تسعة شهور من معارك صعبة خاضتها القوات المسلحة العراقية بشجاعة واقتدار تحت قيادة حيدر العبادي سياسيا لاستعادة ما خسره الجيش الهارب امام داعش في يوم تحت قيادة نوري المالكي السياسية. خراب في النسيج الاجتماعي الوطني اقسى من خراب العمران وتدمير الآثار التاريخية النادرة. ودماء حارة توظفها حسابات باردة في لعبة جيوسياسية لقوى اقليمية ودولية ينطبق عليها قول الجنرال ديغول: الدول وحوش باردة.

وليس تحرير الموصل سوى نصف الطريق الى نهاية دولة الخلافة الداعشية. اما نهاية داعش كتنظيم ايديولوجي يستقطب الاجيال المتأثرة بالتأويل المتطرف للفقه ويمارس الارهاب وادارة التوحش، فانها قصة طويلة. والتحدي بعد الموصل أبعد من مواجهته في الحويجة وتلعفر والرقة والميادين ودير الزور والبوكمال. فما بعد المعارك العسكرية معارك سياسية وفكرية وامنية ومالية مهمة جدا. وما بعد داعش صراعات لتقاسم الارض والنفوذ. وتحرير الموصل محطة الى واحد من طريقين: تصحيح العملية السياسية أو تعميق الانقسامات الحادة والمزيد من الاستئثار بالسلطة والتهميش للضعفاء.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي قال كبير الخبراء السوفيات في الشؤون الاميركية: ايها الاميركيون انتم في ورطة: خسرتم عدوا. وهذا ما يمكن توجيهه الى اكثر من طرف خسر في داعش عدوا.

اذ لولا خطر داعش لما استطاع أو اراد الاميركيون العودة العسكرية الى العراق بطلب من بغداد وتفهم من طهران. ولولا احتلال داعش للموصل ونحو ثلث العراق لما تجمعت الميليشيات الشيعية التي كانت قائمة قبل فتوى آية الله السيستاني تحت عنوان الحشد الشعبي الذي تم تكريسه وتشريعه رسميا كجيش رديف خاض معارك الى جانب الجيش العراقي، وعمليا تحت قيادة الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني. ولولا سيطرة داعش على الرقة ونصف سوريا لما كان من السهل تغيير طابع الصراع في سوريا، من ازمة بين نظام ومعارضة تطالب بانتقال ديمقراطي للسلطة الى حرب على الارهاب الذي صار عنوانا يختصر الصراعات ولا يتوقف فقط عند داعش والنصرة.

ثم كيف كانت اميركا تدعم الكرد في معركة يخوضونها ضد داعش ومن اجل اجندة كردية، وتركيا تدفع جيشها الى شمال سوريا لمقاتلة الكرد بحجة مقاتلة داعش؟ وكيف كانت روسيا تنخرط الى ابعد مدى في حرب سوريا وتسجل الكثير من الاهداف والمكاسب اقليميا ودوليا؟

الامتحان، وسط الاجماع على محاربة داعش، هو في المسار السياسي بعد داعش.