تعريف الفشل أنه اختبار العلاج ذاته من دون الوصول الى نتيجة.
هذا التعريف ينطبق على طاولة الحوار في طبعتها الثالثة، فهل تكون الثابتة ويقتنع المعاندون أن هذه الطاولة لم تعد مطابقة؟
في الأصل لم تكن كذلك، لكن المجرّب أراد أن يجرّب، فماذا نقول له؟ هل نقول له ان البلد لم يعد يحتمل تجارب؟ هل نقول له ان الشعب لم يعد حقل اختبار؟ هل يُعقل ان تفتح الطبقة الثالثة في البرلمان، لطاولة الحوار، فيما الطبقة الأولى حيث القاعة العامة مقفلة أمام انتخاب رئيس للجمهورية؟
في مطلق الأحوال، جلسة الحوار الاولى، في طبعتها الثالثة، التأمت على وقع رشق البيض والبندورة على المواكب الواصلة، واستهلت بكلام تقليدي مكرر للرئيس نبيه بري حول ضرورة الحوار، بقيت الجلسة رتيبة الى ان تكلم العماد ميشال عون الذي طالب بتعديل الدستور لاتاحة انتخاب الرئيس من الشعب، هنا طلب النائب بطرس حرب الكلام وتوجه الى الرئيس نبيه بري قائلا: اذا كان المجلس غير شرعي كما يعتبر البعض، فكيف يمكنه تعديل الدستور، وإذا كان شرعيا فليشرع في انتخاب رئيس. رد عليه العماد ميشال عون بانفعال وقال له: لا أسمح لك، فاجابه الوزير حرب: لست انت من تسمح لي أو لا تسمح لي، وأنا أوجه كلامي الى رئيس الجلسة. احتدم الجو فرفع الرئيس بري الجلسة الى الاربعاء المقبل.
المشهد مألوف، صرختان تصاعدتا أمس، صرخة الناس الذين يكويهم العوز في ظل تراجع فرص العمل، وصرخة الموظفين والعاملين الذين لم يستطيعوا الوصول الى أعمالهم بسبب اجراءات طاولة الحوار، فهل يُعقل ان تتعطّل أعمال الناس بسبب طاولة فاشلة لن تؤدي الى اي نتيجة؟
لمَ الخوف من خدمة الناس؟
لمَ لا تسمعون الصرخات والمطالبات والاحتجاجات على أقله باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق المدلل.
لن تنفع طاولتكم الثالثة اليوم كما لم تنفع طاولتكم الثانية من قبل كما لم تنفع طاولتكم الاولى عام 2006.
ليس بالطاولات تحل المشاكل بل بالمؤسسات، طاولة الحوار ليست مؤسسة: قد تكون تنفيسية، قد تكون حاجة لمؤسسها، قد تكون لملء الوقت الضائع، قد تكون كل شيء إلا لمعالجة المشاكل وايجاد حلول للأزمات.
لماذا مسموحٌ اللقاء حول طاولة الحوار ومن غير المسموح اللقاء حول طاولة مجلس الوزراء الا تحت ضغط الشارع؟
فمجلس الوزراء لم يلتئم الا تحت الضغط؟
لماذا مسموحٌ اللقاء حول طاولة الحوار ومن غير المسموح اللقاء في قاعة مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية؟
هناك واحدة من اثنتين، إما ان النظام فاشل وإما ان الذين يطبقونه فاشلون. حتى اليوم ثبت ان الطائف والدستور لم يطبقا من خلال مسؤولين على قدر المسؤولية، فجاء التطبيق مبتورا.
اذا كان الأمر كذلك، فلماذا تعاد الكرة؟ الناس المقهورون على حق في ما يطالبون به من خدمات بديهية كالنفايات، الكهرباء، فرص عمل، وقف الهدر والفساد، لا للنظام الطائفي. وكل هذا يبدأ من نقطة واحدة لا غير:
انتخاب رئيس للجمهورية.