IMLebanon

بداية التحرير من سوريا؟

لم يخف وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل حقيقة الموقف السعودي وعمقه بالنسبة الى موضوع السياسة التوسعية الايرانية في الشرق الاوسط، حين ألصق وصف “الاحتلال” بايران قائلا خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الاميركي جون كيري الذي كان يزور الرياض “ان ايران تحتل اراضي عربية وتشجع الارهاب”. لقد كان موقفا قويا جدا، اذ لامس وضع ايران ووضعها في المرتبة نفسها مع اسرائيل التي توصف بدولة الاحتلال. ولكن بالرغم من قوة الموقف السعودي الذي رأى في سياسات ايران في العراق وسوريا واليمن ولبنان تهديدا مباشرا للامن العربي، فقد بدا الموقف الاميركي الذي عبر عنه الوزير جون كيري ضعيفا، بل انه في مكان آخر.

هذه ليست بداية الخلاف العربي – الاميركي حول الدور الايراني. فالخلاف مع ادارة الرئيس باراك اوباما لم يتوقف منذ بداية الثورة السورية في عام ٢٠١١، وخصوصا ان سياسة الادارة الاميركية الراعية لبقاء نظام بشار الاسد منذ البداية، والاكتفاء بمواقف كلامية لا طائلة منها، أدت الى نحر المعارضة السياسية السلمية والمعتدلة بداية، ثم المعارضة المسلحة المعتدلة مرة على يد النظام، ومرة أخرى على يد التنظيمات المتطرفة التي جرى فتح الابواب امامها لدخول سوريا بكل الاشكال، ولا سيما من جانب النظام وحلفائه الذين آثروا دخول التنظيمات مثل “داعش” وغيرها، وتدمير سوريا بأسرها على رؤوس اهلها، على مواجهة المعارضة السياسية او المسلحة المعتدلة.

في مطلق الاحوال، ثمة وعي عربي مستجد (تأخر كثيرا) لخطورة الاختراق الايراني للمنطقة. فمشهد قائد “فيلق القدس” قاسم سليماني الذي يتجول بين العراق وسوريا ولبنان لادارة الحروب فيها، ولقيادة آلاف المقاتلين من ميليشيات مذهبية مختلفة، وصولا الى قوات نظامية، لم يحصل من قبل. ولم يحصل أن جاهر مسؤولون حكوميون او برلمانيون بسيطرتهم على عواصم خارجية كما جاهر الايرانيون. هذا لم يحصل حتى ايام السيطرة السوفياتية على اوروبا الشرقية. لقد كان سعود الفيصل في وصفه الاختراق الايراني بالاحتلال حاسما بالنسبة الى موقف السعودي، ولكنه في المقابل رحّب بالمفاوضات حول البرنامج النووي الايراني، معتبرا ان اي اتفاق يمنع ايران من حيازة اسلحة نووية يكون جيدا.

لقد تطور الموقف العربي من السياسات الايرانية على نحو كبير، ولكن لم يقترن الموقف بعمل جاد لانشاء تحالف عربي حقيقي لمواجهة “الاحتلال” كما سماه الامير سعود الفيصل. فحتى الآن لم يظهر اي تطور جذري على الارض في سوريا. وهنا بيت القصيد والاساس. فمن دون اسقاط نظام بشار الاسد، الحاق الهزيمة بالايرانيين وبميليشياتهم، وعلى رأسها “حزب الله” لن يكون ممكناً عكس المسار في الاتجاه الآخر، اي تحرير المشرق العربي.

لذلك يفترض العمل بجدية وبسخاء على خط بناء التحالف الرباعي السعودي – المصري – التركي – الاردني لاسقاط النظام من الشمال والجنوب، أيا يكن الموقف الاميركي. على الدول الاربع ان تحل خلافاتها وتتجاوز ادارة اوباما باسقاط نظام الاسد مهما كلف الامر.