Site icon IMLebanon

الانتخابات المبكرة تلبي عون ولكن تُطيّر رئاسته! بداية السنة الثالثة للشغور ستثقل على المسيحيين

صدرت مواقف أولية للافرقاء المسيحيين ردا على الافكار التي طرحها الرئيس نبيه بري، محورها التنديد بالعودة الى قانون الستين. في حين ترى مصادر سياسية ان وضع هؤلاء الافرقاء سيكون محرجا في المرحلة المقبلة، أولا نتيجة استمرارهم في موقف الرفض على طول الخط، ازاء ازمة لا افق واضحا لها، وثانيا لان الشغور الرئاسي يستهل سنته الثالثة بعد أيام، من دون قدرة هؤلاء الافرقاء على الاتفاق على إنهاء هذا الشغور أو الضغط الكافي لفعل ذلك. ومع أن الفارق بسيط بين نهاية السنة الثانية وبداية السنة الثالثة، فإن وطأة الكلمة او وقعها اقوى حين يكون الشغور مستمرا لسنة ثالثة، فيما يراوح الافرقاء المسيحيون في مواقفهم، فتبدأ الازمة تأكل من رصيدهم الشعبي والسياسي، على ما برز في محطات عدة في الانتخابات البلدية. الا ان الاحراج الاكبر بحسب هذه المصادر ربما يقع في خانة العماد ميشال عون الذي قد يجد في الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة ما يرضي مطلبه بضرورة إجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية، على خلفية انه يعول على ان يأتي مع حلفائه بأكثرية نيابية تحسم انتخابه للرئاسة الاولى، علما أن الاكثرية قد تكون مطلوبة من حلفائه من أجل تغيير التوازن السياسي في البلد. إلا أنه قد يضطر في المقابل الى التنازل عن طلب اجراء انتخابات على أساس قانون آخر غير قانون الستين الذي تمت “شيطنته”، عملا بمبدأ أن التسويات تتطلب تنازلات مؤلمة قد يكون أحدها الاضطرار الى تجرع كأس قانون الستين مجددا، على رغم صعوبة التراجع عن مطالب جعلها محورا في خلال العامين الماضيين. إلا أنه في الطريق الى تحقيق هذا المطلب الذي هو اجراء انتخابات نيابية مبكرة، حصل الكثير، وكانت له دلالات كبيرة. فمن جهة هو تحالف مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، فكسب أصواتا جديدة داعمة له، إلا أنه خسر في المقابل حليفا هو النائب سليمان فرنجية، كما أنه بات مثبتا على نحو لا يبدو قابلا للعودة عنه، عدم رغبة الرئيس بري في انتخابه رئيسا، وإلا لكانت الأمور أخذت منحى آخر، وكذلك بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري الذي لن يستطيع أن ينتقل بجمهوره، لا الآن ولا بعد أشهر من دعم النائب سليمان فرنجية، وهو امر لم يكن سهلا عليه خوضه، الى دعم عون. وبما ان قوى 8 و14 آذار تفرقت وبات كل يعمل لمصلحته المباشرة جدا، فإن ذلك لن ينطبق على القوى المسيحية كما في حال التحالف “القواتي”- العوني، بل يشمل ايضا الآخرين، بحيث ان انتخابات على اساس قانون الستين وفقا للانقسامات الحاصلة قد لا تكون مناسبة جدا. وتاليا فإن الاكثرية التي يعول عليها الزعيم العوني في أي انتخابات جديدة لن تستند الى وفاق وطني من حوله، كما ان الصدع الحاصل مع “حزب الله” على اكثر من مستوى لن يسهل على “تيار المستقبل” والفريق السني عموما انتخاب المرشح الذي يتبناه الحزب ويدعم وصوله. فهذا أمر غير محتمل، ان لم يكن في اطار العداء للجنرال ففي اطار عدم اعطاء الحزب انتصارا على هذا الصعيد. وتاليا، فإن انتخابات على قانون الستين ستعيد حتما إنتاج الافرقاء السياسيين انفسهم من دون تغيير يذكر، لكن ثمة من يقول بما ان الامور تمت تحميتها من خلال الانتخابات البلدية، فقد يسهل اجراء النيابية على وهجها في الخريف، بما يثبت رصيد الافرقاء السياسيين أنفسهم، وهم في حاجة ماسة الى ذلك وفق ما اتضح من مسار الانتخابات البلدية، لأن قواعدهم عرفت تغييرات واهتزازات نتيجة اعتبارات مختلفة لدى كل منهم.

يضاف الى ذلك انه اذا كان الهدف من الذهاب الى انتخابات مبكرة الحصول على تعهد من الجميع بحتمية الذهاب فورا بعد الانتخابات الى انتخاب رئيس جديد من دون تعطيل جلسة الانتخاب، وهو أمر قد يكون الحزب ملزما اعتماده لاحقا، فليس أكيدا وفقا لمنطق انتخابات مبكرة، ان يتم انتخاب عون، بل قد تحرر الانتخابات الافرقاء او قد تأتي بنتائج غير مناسبة. وتاليا، اذا كان ثمة شكوك في أن الانتخابات المبكرة لن تأتي بعون رئيسا في المرحلة اللاحقة، وهو قد يكون أسلوبا أو طريقة ملتوية للتخلص من عون مرشحا لا يقبل إلا انتخابه، فإن تقويم الامر يجب ان يتم على هذا الاساس، ما لم يكن الجميع يحتاج الى مخرج بالنسبة الى هذا الموضوع، بمن فيهم العماد عون نفسه الذي سيثقل عليه اكثر استمرار تحمله ظاهريا وشكلا استمرار الشغور في الرئاسة للسنة الثالثة على التوالي، باعتبار أن جوهر المشكلة قد يكون لدى الحزب، ويقف وراء عون كما يعتبر كثر.

وإشكالية السنة الثالثة أيضا، ولو ان الاطار الاكبر المحيط بلبنان يثقل عليه، ان الافرقاء جميعهم بمن فيهم المسيحيون سيواجهون تحديات إضافية تتمثل في ترك الامور تخلق واقعا جديدا ليس لنا فيه اي شيء، كما حصل بعد الربيع العربي. ففي ظل الغرق في ازمتنا، يغيب الاستعداد للمرحلة المقبلة. فالبطريرك الماروني كان جاهزا عام 1919 لدى تقسيم المنطقة، ووجد مكانا للمسيحيين. في الثمانينات كان يعمل الرئيس رفيق الحريري على مشروع اتفاق الطائف، إذ كان ثمة تحضير لإنهاء الحرب، في حين أن ليس لدى المسؤولين أي شيء في المقابل. فالقادة في مكان آخر. وليس هناك قدرة على الرؤية للابعد.