IMLebanon

تقسيم  بلدية بيروت يُوقظ مخططات الفتنة الطائفية

 

بعد تلاقي كتلة القوات اللبنانية مع كتلة التيار الوطني الحر بعدم تسمية اي رئيس للحكومة في الاستشارات النيابية الملزمة مؤخرا، تحت حجج وذرائع غير مقنعة، وما تسبب به هذا التصرف من حساسيات وتداعيات طائفية مع اهل السنّة، الذين يمثلهم رئيس الحكومة، فوجىء اهل بيروت بطرح نائب القوات اللبنانية عن بيروت غسان حاصباني، لتقسيم بلدية العاصمة الى منطقتين، شرقيه تضم باكثريتها المسيحيين، وغربية تضم المسلمين بكل انتماءاتهم واقلية مسيحية، وهو ما يشبه العودة الى الوضع السائد بتقسيم العاصمة إبان الحرب الاهلية المشؤومة التي عصفت بلبنان، بكل صورها السوداوية المقيتة.

الاسباب التي ساقها النائب حاصباني لتبرير طرحه، باهمال البلدية للمناطق التي يمثلها، لا تبدو منطقية او مقنعة، لان مناطق اخرى من العاصمة، إن كان في الطريق الجديدة وصبرا والجوار وغيرها، تشكو من اهمال يتجاوز بكثير ما يدعيه او يتذرع به للسير قدما بمشروعه المستغرب، الذي اثار سيلا من التساؤلات والاستفسارات بين مختلف مكونات العاصمة، عن أهدافه وابعاده الملتبسة.
واذا كانت الشكوى من اهمال البلدية لمناطق معينة يمثلها حاصباني استنادا للانتخابات النيابية، ويقابلها مناطق اخرى في العاصمة، لا يمثلها، فهذا يعني في خلاصة الامر ان الاهمال شامل، ولا يقتصر على مناطق دون اخرى، او يشمل مناطق مسيحية على وجه الخصوص، دون المناطق ذات الاغلبية المسلمة.
تمنُّع «القوات» عن تسمية رئيس الحكومة الجديدة يصرف الاهتمام عن مواجهة تسلط السلاح ويزيد التباعد بين اللبنانيين
ولذلك، لا بد من البحث عن الاسباب الحقيقية، للاهمال المشكو منه والقيام بالخطوات والإجراءات اللازمة لمعالجته وتحسين الاداء العام للبلدية، وليس الذهاب فورا، الى طرح تقسيم العاصمة، كما فعل حاصباني من دون طرح الامر للتشاور مع مكونات بيروت الاساسية بهذا الامر الحساس والخلافي، مع علمه بأن وضعية بلدية بيروت تختلف عن باقي بلديات المدن والقرى كون السلطة التنفيذية، هي بإمرة محافظ العاصمة، وليس تحت سلطة المجلس البلدي، والكل يراعي هذا الوضع الشاذ، حفاظا على تركيبة العاصمة والعيش المشترك بين أبنائها، في حين يعلم الجميع ان هذا الوضع، يعيق العديد من قرارات ومشاريع وتحركات البلدية، اذا لم تحظَ بموافقة المحافظ. ولا شك ان مبادرة نائب القوات اللبنانية لطرح تقسيم بلدية بيروت في هذا الظرف بالذات، وتلقف نواب التيار الوطني الحر للتسابق على تقديم مشروع في المجلس النيابي، وتلاقي الطرفان مجددا حول هذا الطرح الخلافي والطائفي، بعد تلاقيهما على عدم تسمية رئيس الحكومة الجديدة، يطرح العديد من التساؤلات والاستفسارات عن الاهداف البعيدة، من وراء هكذا طرح خلافي، وتحديدا مع المكون السني، وتأثير هذا التصرف الملتبس في العلاقات مع الجهتين معا، وعلى الاستحقاقات المقبلة ولاسيما انتخابات رئاسة الجمهورية.
فالكل كان ينتظر من كتلة القوات اللبنانية بعد الانتخابات النيابية، ان تولي وتركز اهتمامها لمواجهة، هيمنة وتسلط سلاح حزب الله، على الواقع السياسي الداخلي، وتتلاقى مع باقي القوى السيادية والتغييرية على قواسم مشتركة، او رؤية جامعة لهذه الغاية وتتحرك بفاعلية جنبا الى جنب للمساهمة في حل الازمة الوجودية التي تتهدد لبنان من كل جانب، وإذا بهم فوجؤوا بالانتكاسة الاولى، بتمنع القوات عن تسمية رئيس الحكومة الجديدة اولا، وبعده بطرح النائب حاصباني تقسيم بلدية بيروت، ما يزيد بالتباعد وتأجيج خلافات سياسية وطائفية، لا طائل منها، ومن شأنها ان تضعف الموقف الوطني العام في مواجهة مشروع السيطرة على لبنان، وهذا لن يكون في مصلحة احد.