في ظل استمرار عدم الوضوح في ما خص تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وتصاعد الخطابات السياسية العالية النبرة، واستمرار كل فريق سياسي على موقفه، بالتزامن مع استمرار التسريبات المتعلقة بالحكومة المقبلة ورئيسها، يبقى الوطن والمواطن يدفع ثمن كل هذه التجاذبات، حيث تضرب العواصف المالية والاقتصادية والاجتماعية لبنان من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه دون استثناء.
مصادر نيابية بارزة في كتلة التنمية والتحرير النيابية اعتبرت لـ«اللواء» ان الاجواء التي رافقت نهاية الاسبوع الماضي كان تفاؤلية نوعا ما، من خلال الحركة السياسية التي جرت خلال الايام الاخيرة وبحسب معلومات سياسية رفيعة المستوى اطلعت عليها المصادر، حيث كان هناك امل ان يكون الاسبوع الحالي حاسما لجهة تعيين الاستشارات، ولكن وحسب المصادر النيابية فإن المفاجأة كانت باعادة اطلاق الخطابات العالية النبرة، وعادت الاجواء تتحول الى ما يشبه الانسداد الكامل. ولكنها اشارت الى ان الامور حاليا تتأرجح ما بين الانسداد الكامل وامكانية الوصول الى حل مقبول يرضى به الفئات المعترضة على العمل الذي يقوم سعاة الخير.
وشددت المصادر على ان التركيز الاول يبقى على اقناع الرئيس سعد الحريري لقبوله تشكيل الحكومة المقبلة، وتعتبر المصادر ان ذلك يعود اولا وبشكل اساسي، الى انه لا يمكن لمركز السنّة الاول ان يكون اقل اهمية بشخصه وامكانياته عن رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، لذلك هو محاط بهذه الهالة من الاعتراف الكامل من الاصدقاء والاعداء بان هناك قلائل يتمتعون بالركيزة نفسها المتينة المتجذرة لتمثيل السنة كشخص الرئيس الحريري.
والسبب الاخر، وحسب المصادر هو دستوري، فالرئيس الحريري مشارك اساسي في الازمة التي حصلت منذ بداياتها، وليس هذا الوقت الذي يعفيه احد عنه ان يتسلم المسؤولية، ويبدأ بمحاولة حلها، من خلال قدراتها الذاتية واتصالاته الدولية، ووقوفه على تفاصيل كل ما حدث خلال هذه الفترة التي اوصلت البلد الى هذا المسار المؤلم.
وتعود المصادر النيابية لتذكر بنظرة الكتلة الرسمية التي تنتمي اليها، وهي ان الحكومة التكنوقراطية ليس لها امكانية الحصول على الموافقة النيابية عندما تطرح الثقة، كما انه في الظروف الحالية فان الامور السياسية والاقتصادية متعددة الجوانب وكثيرة التأثير على المجتمع اللبناني ككل، وترى وجوب ان يكون في الحكومة شخصيات تتمتع بخلفيات سياسية، لكي تتمكن من مواجهة بعض الامور، التي قد تكون بعيدة عن اجواء عمل الشخصيات التكنوقراط.
لذلك تقول المصادر، من هنا كان الرئيس بري يطالب دوما بعودة تكليف الرئيس الحريري وما قاله بانه «قدم له لبن العصفور حتى يعود» هو قول فعلي، وتنقل عن الرئيس بري وكتلته رأي بان الحكومة التكنو-سياسية يجب ان تضم عدداً كافيا من الاختصاصيين لكي يكون لهم وزن داخل الحكومة، وان يتسلموا الوزارات التي تحتاج الى خبرات والى ممارسات عملية وخبرة في الوزارة التي يجب ان يستلمها الوزير التكنوقراط.
وتعترف المصادر ان الحراك الشعبي لم يولد من غير سبب، وهي تؤكد لضرورة الانتباه بشكل جدي الى الافرقاء البارزين فيه، وتشدد على ضرورة عدم اهمال مطالب هذا الحراك، وتقول المصادر هناك الم وجوع وحاجات لدى الناس ولم تتمكن الحكومات السابقة من معالجتها، والانفجار الذي حصل هو امر طبيعي ومن المستغرب انه لم يحصل منذ وقت بعيد.
وتعلن المصادر في كتلة التنمية والتحرير ان الرئيس بري يقول ان مطالب الحراك سيتم تنفيذها بالتشريع ومن خلال المؤسسات الدستورية، وسيتم التعاطي مع المطالب ليس من خلال المواقف في الساحات العامة والاجتماعات الخاصة، وهذا ما اظهره من خلال التوجه الايجابي، حيث بدأ بتشريع مطالب الحراك، والدليل على ذلك عقد اللجان المشتركة اجتماعات لها كل يوم اربعاء من كل اسبوع، والبارز ان رئيس المجلس يختار القوانين والاقتراحات الهامة والتي تندرج في اطار المطالب الشعبية لبحثها ودراستها.
وتعود المصادر لتلخص موقف كتلة التنمية التحرير، الذي يطالب بعودة الرئيس سعد الحريري الى رئاسة الحكومة، وتفضل المصادر ان تكون الحكومة تكنو-سياسية لكي تتمكن من القيام بدورها الكامل.
وحول تسمية اسماء لرئاسة الحكومة والتفاوض معها على شكل الحكومة من دون العودة الى المجلس النيابي والى الرئيس الذي سيكلف من قبل النواب بشكل رسمي، تعتبر المصادر ان هناك تخطيا فاضحا للدستور، ولسوء الحظ هناك محاولة للانقلاب على اتفاق الطائف من الداخل، ولكن هذا الامر هو بعيد المنال ولن يتم القبول به، الا ربما من قبل الفئة التي تحاول ان تختلق هذا الامر، والعرف الذي يتم اختلاقه هو نوع من الردة غير الدستورية على الاطلاق لاعادة الامور الى الوراء، اي الى ما كان معمول به قبل اتفاق الطائف، والذي سبب الحرب الاهلية وجاء الطائف ليوقف هذا الامر.
وتشدد المصادر على رفضها العودة الى المرحلة المؤلمة حيث ان تكون مواجهة بالفعل بين من هو مع الطائف ومن هو ضد الطائف، فلا يجوز لرئيس الجمهورية ان يبدأ باستشارات وتحريات ومراجعة لاسماء من يريد ان يكون بالتكليف والتأليف، وهذا الامر هو عكس ما ينص عليه اتفاق الطائف.
وتفسر المصادر النيابية المخضرمة بان المادة 53 وفي الفقرة الثانية من الدستور واضحة وهي تقول على رئيس الجمهورية ان يعيين موعدا للاستشارت الملزمة بحيث يأتي النواب الى القصر الجمهوري وكل كتلة تدلي بصوتها ورئيس الجمهورية دوره تبليغ الاعداد التي تقدمت بها الكتل، وليس خلق الاعداد التي يحاول اليوم ايجادها حول ما يسمى رئيس يكلف من قبل ما يعرف الرئيس من سيكلف وقبل معرفة مجلس النواب الذي هو من يسمي رئيس الحكومة المكلف وليس رئيس الجمهورية.
وتشدد المصادر على ان دور الرئيس المكلف هو تحضير لوائح باسماء الذي هو يستشيرها وينتقيها ويتعاطى معها وليس رئيس الجمهورية، الذي يطلع عليها ويتشاور معه بها، واذا كان هناك اسماء يعترض عليها رئيس الجمهورية يتم التفاهم على كيفية حل الموضوع.
وتأسف المصادر للاعراف التي تحصل اليوم حيث يقولون «تفضل ايها الرئيس المكلف والزوادة حاضرة» اي هؤلاء اسماء اعضاء الحكومة وهذا الامر يعتبر مساً كبيراً في اتفاق الطائف.