IMLebanon

رهانات أميركا وايران على مغامرتين خطرتين

 

المنطقة تدخل مرحلة جديدة تتجاوز حساباتها ما بدأ في الفصل الخطير من اللعبة التقليدية بين أميركا وايران: فصل اعادة العقوبات والحصار من أجل أهداف جيوسياسية في صراع يتعدد لاعبوه الاقليميون والدوليون. والتحديات كبيرة جدا أمام واشنطن وطهران معا، بصرف النظر عن تصرّف كل منهما كأنه واثق من الربح. فليس من السهل على الرئيس دونالد ترامب ان ينجح من حيث فشل الرئيس باراك أوباما. ولا من السهل أيضا على المرشد الأعلى علي خامنئي ان يربح معركة اقتصادية ومالية بعصا الحرس الثوري.

ذلك ان ترامب سخر مما سمّاه رهان أوباما الساذج على تغيير السلوك الايراني في الشرق الأوسط مقابل اتفاق نووي جيّد لطهران وسيّئ لواشنطن. وهو يراهن على توظيف الخروج من الاتفاق النووي واعادة فرض العقوبات القاسية على طهران في تحقيق ما سماه وزير الخارجية مايك بومبيو كبح النفوذ الايراني وانهاء السلوك الخبيث ودفع ايران الى الحوار والتفاوض. وبالمقابل، فان الجمهورية الاسلامية تراهن على قوة الوطنية الايرانية والمصالح المشتركة مع الأصدقاء وكون أميركا في عزلة حسب الوزير ظريف للصمود، برغم التناقض المقلق لسعر العملة الايرانية أمام الدولار.

وفي الحالين رهانات على مغامرات خطرة وغير محسوبة. لكن المغامرة الأميركية جاءت بالخيار، والمغامرة الايرانية جاءت بالاضطرار. قوام مغامرة ترامب هو استخدام استراتيجية الضرب في الجيوب في دفع الوضع المالي والاقتصادي الى الانهيار واجبار طهران على التفاوض كما على اضطرابات شعبية تقود الى تغيير في النظام. فضلا عن اثبات مقولة ان أميركا بلد لا يستغنى عنه، وان خروجها من الاتفاق النووي ينهي الاتفاق عمليا.

وقوام مغامرة ايران هو الرهان على ضمانات أوروبية وروسية وصينية لاستمرار الاتفاق النووي وشراء النفط الايراني ورفض المشاركة في العقوبات الأميركية، كما على الوحدة الوطنية. فضلا بالطبع عن اثبات المقولة المعاكسة وهي ان أميركا بلد يمكن الاستغناء عنه.

لكن من الصعب على الطرفين ضبط كل هذه العوامل. فالمشاركون في اللعبة لهم مصالح وحسابات تتحكم بالقرارات. ولا أحد يضمن النجاح في ادارة الرياح. فماذا لو فشل ترامب في مغامرته وتمكّنت ايران من الصمود والاستمرار في بيع النفط؟ ألن تخسر أميركا نهائيا دور القوة العظمى وهيبتها؟ وماذا لو لم يستطع الأوروبيون والروس والصينيون توفير الضمانات المطلوبة، واضطرت طهران للتفاوض مع واشنطن؟ ألن تخسر دورها وموقعها كقوة اقليمية لديها مشروع للشرق الأوسط، ويقول خامنئي انها تقود العالم في مواجهة أميركا؟