حينَ يقولُ الرئيس سعد الحريري إنَّهُ أنفق الثروة على الثورة، فهذا زعيمٌ عينُه ليست في السلطة، بل عينُه على الشعب.
منذ شباط العام 2005 إلى شباط العام 2017، إثنا عشرَ عاماً، لم يكن فيها رئيساً للحكومة، إلا مرةً واحدةً، والمرة الثانية، منذُ أقل من شهرين، لكنَّه مع ذلك بقيَ زعيماً وقريباً من الناس، وكأنّه في سدةِ السلطة، وليس كما غيرهِ، الذين حين يغادرون السلطةَ ينسونَ الناس فينساهم الناس.
الرئيس سعد الحريري شفافٌ وصريحٌ، الذي في عقلهِ هو إيّاه في قلبهِ، والذي في قلبهِ هو إيّاه على لسانهِ. لا يملكُ لغتين ولا يتحدّث بلغتين، لغتهُ الوطنية واحدة، ولغتهُ السياسية واحدة، ولغتهُ الشعبية واحدة. صريحٌ مع الحلفاء، كما هو صريحٌ مع الخصوم، إنه كتابٌ مفتوحٌ، كلماته واضحةٌ، إنّه حرفٌ يُقرأ.
حينَ قال إنّه يتبنى ترشيحَ العماد ميشال عون لرئاسةِ الجمهورية، صدَق القول، فوضعَ كلَّ ثقلهِ من أجل إيصال العماد عون إلى قصرِ بعبدا. وحين قال إنَّ البيان الوزاري سيكون مستوحى من خطاب القَسَم، صدَق القول، فجاء البيانُ الوزاري مستوحى من خطاب القَسَم.
وهاتان الواقعتان دليلٌ إضافيٌ على صدقه وصدقيته ومصداقيته. حين يحالفُ فإنَّه يرتبطُ بحلف شريف، وحينَ يُخاصم فإنَّ خصومته تبقى شريفة.
شيئان لا يُقدِم عليهما الزعيمُ الشاب:
مخالفةُ الدستور ومخالفةُ القوانين المرعية الإجراء.
وشيئان لا يرضى بهما الزعيمُ الشاب:
تجاوز صلاحياته، والسماح لأحدٍ بأنْ يَمسَّ بصلاحياته.
بسببِ هذه الأشياء الأربعة يستحيلُ على أحدٍ أنْ يدخل بينه وبين رئيس الجمهورية. يعرفُ صلاحياته جيداً، ويعرفُ مسؤولياته جيداً:
وفق الدستور والقوانين، وقّع مرسومَ دعوة الهيئاتِ الناخبة، الذي لا يصبح نافذاً إلا بعد أن يُزيَّل بتوقيعِ رئيس الجمهورية.
لا يعرقلُ قانوناً ولا يقفزُ فوق بنود الدستور.
يُدرِك جيداً أنَّ السلطةَ التنفيذية تُناط بمجلس الوزراء مجتمعاً فلا تفرُّدٌ ولا استفرادٌ، بل مشورة سواء أكانت جلسات مجلس الوزراء برئاسةِ رئيس الجمهورية، عندما يحضر الجلسة، أو برئاسةِ رئيس الحكومة.
يُدرك جيداً أنَّ الملفاتَ ثقيلةٌ والتركةَ ثقيلةٌ.
يُدرِك جيداً أنَّ كثراً أَثْرَوا، لكن قِلّة استنزفتهم السلطةُ، وهو واحدٌ من هذه القلّة. ومع ذلك لا يُبالي، فهو من بيتٍ قدّم أعزَّ مَن عنده:
الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فما بعد هذه الخسارة ليس هناك من خسارةٍ أكبر.
الزعيمُ الشاب، دولة الرئيس سعد الحريري، سيفي بوعودهِ، وهي ليست وعوداً في الهواء، بل هي عبارةٌ عن بيان وزاري نال على أساسهِ ثقةَ مجلس النواب وقبلها ثقةَ الناس.
إنَّ أيَّ ملفٍ سيواجهه سيعمد إلى التعاطي معه بجرأةٍ وشفافيةٍ غير عابئ إلا بما يقولهُ الناس الذين هم شغلهُ الشاغل منذ عقد من الزمن ونَيِّف.
سعد الحريري يقاربُ الإنتخاباتَ النيابية أيّاً يكن القانون، وسيفوز لأنّهُ يعرفُ شعبه ويعرفُ مدى وفائهِ له.