المناوئون يتوقّعون عثرات تؤخِّر انطلاقة عهد عون وتبدّد «المومنتوم» الرئاسي
التحدّي الأكبر يبدأ ولا ينتهي يوم الإثنين… والكسب المسيحي إستراتيجي
يحاذر عون الانزلاق إلى ما يريده الخصوم ويحشد فريقه لفوز نظيف بدورة واحدة
بعد غد الاثنين ينعقد لواء الرئاسة لميشال عون بعد مسار سياسي متعرّج يكاد يكون من الاستثناءات تأسيساً على التجارب الرئاسية المحلية والخارجية، وخصوصا متى قيست رئاسة عون بما واجه الرجل من استحقاقات وتحديات أدخلته القصر في العام ١٩٨٨ من باب استحالة انتخاب الرئيس الخلف لأمين الجميل، وها هي تدخله القصر إياه من باب الاستحالة نفسه وفي الشهر نفسه لخروجه منه تحت تهديد الطيران السوري وقنابله وبتآلف إقليمي – دولي قلّ نظيره!
لا يُخفى الارتياح المسيحي العام والمعمَّم – ما خلا بعض الاستثناءات المحدودة والمعروفة السبب – لرئاسة عون العتيدة، انطلاقا من الكسب الاستراتيجي الذي تحقّق وهو الأول من نوعه منذ جمهورية الطائف، مع تحسس مختلف القوى أهمية الرئاسة القوية مدخلاً الى الجمهورية القوية، وهو الشعار الذي يدخل به عون القصر الرئاسي بعد غد، ويُفترض ان يكون هاجسه للسنوات الست المقبلة.
أثبتت تجارب الرئيس الوسطي على امتداد أعوام اتفاق الطائف، هزالتها، ولم تنجح لا الوصاية السورية ولا الوصايات اللاحقة في تطمين المكونات، ولا سيما المسيحية منها، الى جدية السلطات المتلاحقة في بناء الدولة القوية، فهُمّش من هُمّش وهاجر من هاجر، ليستوي الحكم على أجنحة متكاسرة في كثير من الأحيان بغرض التنفّع، حتى باتت الدولة مجرد حصص تتقاسمها هذه الأجنحة، فيما غاب المفهوم الاستراتيجي لبناء الدولة، رغم بعض المحاولات المحدودة والخجولة والتي انتهت إجهاضا.
يدرك ميشال عون أن التحدي الأكبر في مساره السياسي – الرئاسي يبدأ يوم الاثنين ولا ينتهي. وإذ شكلت التسوية استثناء مدويا في الحلقة المقفلة التي تجْثم على البلد ومؤسساته وتكاد تأتي عليه وعليها، لن يتوانى خصوم العهد العتيد ومناوئوه عن نصب الأفخاخ والعراقيل والكمائن بغية تبديد المومنتوم أو الزخم الذي يفترض ان يفيد العهد منه لانطلاقة قوية، أولى عناصرها تشكيل حكومة موثوق فيها في مهلة زمنية معقولة لا تتعدى الايام او الاسابيع القليلة، وهو امر لن يكون سهلا في ظل مواقف الخصوم والمناوئين وما تفيض به مجالسهم من تهديد ووعيد.
يواجه عون هذه التحديات من دون الانزلاق الى ما يريد له الخصوم. يحشد فريقه لفوز نظيف بدورة واحدة، وفي حال تعذّر، فوز مريح في الدورة الثانية، يلقي بعدها خطاب قسم يشبهه، لينتقل الى القصر الرئاسي بلا ضوضاء الحاشية التي عادة ما بدأت بها عهود سابقة. أما الاحتفالات بالفوز فتعدّ لها قيادة التيار الوطني الحر خارج أسوار الرئاسة، على شكل احتفالات مناطقية بعد ظهر الاثنين تتوج التاسعة ليلا بلقاء مركزي ضخم في ساحة الشهداء.
يوم الثلاثاء يصحو قصر بعبدا على بدء الاستشارات النيابية الملزمة التي يفترض ان تسمّي بغالبية مريحة سعد الحريري الذي سينطلق منتصف الأسبوع، وفق ما هو مقدّر، بمروحة لقاءاته البروتوكولية مع الكتل النيابية في ساحة النجمة للوقوف على مطالبها، لتبدأ في ضوئها المشاورات الفعلية التي يتوقع ان تنتهي في غضون فترة قليلة بأولى حكومات العهد التي قد تكون أقصرها بفعل ارتباطها بالانتخابات النيابية المقررة في ربيع ٢٠١٧.
والاستحقاق النيابي هو بيت القصيد في العهد العوني. عليه تتوقف هوية العهد ومساره، ويعوّل عليه ليكون فاتحة إصلاحية لورشة بنيوية تحتاجها الجمهورية، وتشكّل انعطافة، وربما انطلاقة فعلية للعهد.
يفترض المناوئون ان تشكيل الحكومة لن يكون بالأمر الهيّن، نتيجة مجموعة عناصر في مقدمها شكلها، والمقصود هنا الثلث المعطّل أو الضامن وهو ما يسعى اليه بعض قوى الثامن من آذار مع اعتقاده ان التسليم به لن يكون سهلا. لذا يعتبرون ان هذا المطلب هو اولى العقبات امام تشكيل الحكومة، ليحل ثانيا – في حال تخطي هذه العثرة وتشكل الحكومة مع الاتفاق على الحصص الوزارية – البيان الوزاري وخصوصا لناحية مقاربة سلاح حزب الله أو ما يعرف بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة والعلاقة الملتبسة بين تيار المستقبل وحزب الله نتيجة ارهاصات المنطقة وتعقيداتها، وهي من العناصر المتفجرة والتي قد تؤدي الى تأخير الانطلاق الفعلي لعمل الحكومة، مما يتسبب في استنزاف العهد الرئاسي في بداياته، وربما إسقاطه في فخ تصريف الأعمال!
يظهر أهل العهد العتيد إدراكا واسعا لكل هذه التحديات السياسية ومنها ولا سيما الأمنية، ويقاربونها بموضوعية، انطلاقا من استحالة إرضاء كل القوى بالتسوية المعقودة اللواء على العماد عون. لذا كان القرار بالابتعاد قدر الامكان عن الضوضاء الجالبة للأخذ والرد والانصراف فورا الى تفعيل العمل الرئاسي – الحكومي، وهي الوصفة المشتركة مع سعد الحريري والتي يرون فيها الحل الأنجع لكل ما يتربّص بالعهد من مشاكل واستحقاقات.