Site icon IMLebanon

الإحراج الأكبر في مرمى القوى المسيحية وأسئلة عن الصدى الأميركي والسعودي

لماذا قد يكون الوضع بات ناضجا بحيث يتيح انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فيما رفع مسؤولون لبنانيون كثر عناوين كشروط اقليمية عن مصالحة ايرانية-سعودية مثلا لا تزال غير متاحة، او عن تسوية في سوريا لا تزال بعيدة من دون افق محدد، او عن تسوية في اليمن تبعا لما قد تؤول اليه العملية العسكرية للتحالف العربي ضد الحوثيين؟ وكيف يمكن قوى 14 آذار ان تختبئ وراء تبريرات ربما تؤدي الى انتخاب النائب سليمان فرنجيه في الوقت الذي اعتبر كثر ان فرنجيه كان ولا يزال المرشح الحقيقي لـ” حزب الله” بينما كانت الحاجة الى العماد ميشال عون خلال الفترة الماضية مرحلية، توصلا الى فرض المرشح الحقيقي لدى الحزب؟ وفي موازاة ذلك، تثار تساؤلات عن رأي المملكة السعودية في امكان دعم ترشيح فرنجيه، ويثير البعض تساؤلات تتصل بما اذا كان لدى الاميركيين اي موقف استنادا الى المواقف المعروفة لفرنجيه وحلفه مع بشار الاسد. اذ على رغم التسليم بلامبالاة واشنطن ازاء التطورات السياسية اللبنانية وعدم تدخلها في الاسماء، ثمة اعتقاد طاغ أن هناك عناوين أو مواقع تظهر العاصمة الاميركية حرصا على بقائها ضمن ملعب سياسي معين، ما لم يكن ذلك مبنيا على اقتناع ما قبل ولاية الرئيس باراك اوباما، وقد باتت واشنطن تتعامل مع الامر الواقع ولا تحاول تغييره كما هي حال تعاملها مع تدخل “حزب الله” في سوريا مثلا. واستتباعا لذلك، هل يمكن ان يحظى فرنجيه بدعم القوى المسيحية، باعتبار ان موافقة هذه القوى هي الممر الضروري لدعم ترشحه؟

هذه الاسئلة تتفاعل على وقع ردود فعل سلبية قوية من اتجاهات متعددة، لاعتبارات لا مجال للخوض فيها، لكن قد تعني ان هناك جهدا كبيرا يجب ان يبذل، اولا من اجل تقديم شروحات منطقية وتبريرات مقنعة اذا اريد اعطاء هذا الخيار فرصة، خصوصا لدى جمهور 14 آذار كما لدى كثر في جمهور 8 آذار، انطلاقا من ان التسوية متى أتت من فوق ستترك انعكاسات سلبية كبيرة. ثم ان التسوية تعني تبادل الاخذ والعطاء، وهو ما يفترض بلورة السلة التي سيتم الاتفاق عليها اذا كان واردا او مرجحا، ايا تكن طبيعتها، خصوصا متى اقتربت الاطراف من مواقعها البعيدة الى منتصف الطريق، او ما يفترض انه كذلك.

تعتبر مصادر سياسية أن المؤشر الذي اعلنه الامين العام ل”حزب الله” السيد حسن نصرالله عن تسوية شاملة يتطلب تنازلات، كانت الضوء الاخضر المعبر عن التراجع عن المضي في استرهان الرئاسة اللبنانية لحسابات اقليمية او داخلية. لكن الامور ليست بنت ساعتها، باعتبار ان التمهيد لذلك بدأ قبل بضعة اشهر، ولن يتأخر الوقت للكشف عن ذلك، في حين ان انشغال الدول الاقليمية المؤثرة في لبنان كايران والسعودية في مسائل اكثر اهمية، يتيح المجال للبنان، اقله وفق ما يبدو من الحركة الداخلية، ليقتنص مسؤولوه الفرصة المتاحة من اجل المضي في تسوية يمكنهم اخراجها على انها من صنع لبنان. والذين يتابعون النائب وليد جنبلاط في تغريداته او احاديثه، التقطوا اولى اشاراته الى امكان دعم سليمان فرنجيه على اساس انه دليل لا يمكن اغفاله في ما ذهبت اليه الامور قبل ايام، وما قد تذهب اليه لاحقا، اذ كان ذلك تعبيرا عن افكار او عمل ما يتم بعيدا عن الاضواء. والتوقيت مهم لاعتبارات لا يمكن أحدا انكارها، تتصل بواقع ان البلد على شفير الهاوية على اكثر من مستوى. وقد استنفد سياسيوه كل الارانب واخرجوها كلها ولم يعد لديهم ما يقدمونه، بعدما بات لتعطيل انتخابات الرئاسة ثمناً باهظاً في الداخل على الافرقاء جميعهم، بمن فيهم “حزب الله” المستنزف في سوريا، حيث اصبح دوره ثانويا قياسا على اخذ روسيا الدور الرئيسي في قيادة الامور، خصوصا ان التعطيل طاول الحكومة ايضا على نحو لا يمكن انكار تأثيره، ان لجهة استمرار منع وصول رئيس مسيحي في الوقت الذي يبذل جهد لابراز موضوع حماية المسيحيين والمحافظة عليهم او لجهة منع رئيس الحكومة السني من ممارسة صلاحياته، وهو ما بات يترك آثارا خطيرة تخشاها دوائر عدة في ظل ما يجري في المنطقة.

واذا كانت الكرة ترمى في ملعب المسيحيين على قاعدة ان “تيار المستقبل و”حزب الله” سبق ان دخلا في محاولات تسوية تلت الاتهامات التي وجهتها المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، الامر الذي لا يمنع تفاهمها في ظل المأزق الذي يواجهه الجانبان والبلد معهما، فان ثمة ارباكا كبيرا لا يستهان به لدى الافرقاء المسيحيين في حسم مواقفهم، انطلاقا اولا من ان المرشحين الرئيسين منهم امضيا سنة ونصف سنة من الشغور الرئاسي، ولم ينجح اي منهما ولم يدعم احدهما الاخر ولم يتفقا كذلك على اي مرشح آخر يمكن ان يدعماه، وتاليا يتحملان مسؤولية اي اتفاق اقليمي او خيار دولي على دعم مرشح ما يمكن ان يحظى بموافقة الجميع. احدى الاوراق التي تسحب من عون في حال تقدم فرنجيه الى الواجهة، انه زعيم مسيحي من الاربعة الذين عدوا اقوياء وذوي حيثية شعبية من “الخط الممانع” نفسه، وحامي ظهر “حزب الله،” في حين ان حسابات الدكتور سمير جعجع قد تستند الى امكان حصول مصالحة مارونية تاريخية والى ما سيجمعه شعبيا وسياسيا.