IMLebanon

التغيير الدولي الأكبر في قواعد اللعبة

 

موسم المبالغات مزدهر في مناخ اقليمي ودولي مساعد. ومن المألوف ان تقود مخاوف أطراف ورهانات أطراف أخرى الى تصوّر سيناريوهات دراماتيكية يصعب تصديق أو استبعاد أي منها حاليا. فالصورة البارزة في مشهد الاعتداء الاسرائيلي على مواقع سورية وايرانية في سوريا هي صورة تصدّي دمشق للغارات واسقاط طائرة إف ١٦. والانطباع السائد هو الدخول في مرحلة جديدة من الصدام. اسرائيل مصدومة، لأنها خسرت حرية الحركة الكاملة في الأجواء واصطدمت بخط أحمر جديد مقابل الخطوط الحمر التي وضعتها. وسوريا وايران ولبنان وغزة في أجواء انتصارية واحتفالية بتغيير قواعد اللعبة والحديث عن مرحلة استراتيجية جديدة. والجدل لم يعد حول الاندفاع في حرب كبيرة تعيد تشكيل المنطقة بمقدار ما صار حول توقيت الحرب.

لكن الكل يعرف ان اللعبة ليست واحدة في سوريا التي كانت لاعبا مهمّا في المنطقة، فهناك أكثر من تغيير في قواعد الاشتباك.

 

والتغيير الأكبر الذي حدث في قواعد اللعبة الاستراتيجية والجيوسياسية وصار متحكّما بالتغييرات الأخرى منذ صارت الأزمة السورية حربا أكبر من سوريا هو الانخراط العسكري المباشر لروسيا وأميركا وايران وتركيا في المعارك. فلا فرصة لحرب اقليمية واسعة ضمن الحسابات السورية والاسرائيلية، والايرانية والتركية. ولا تطورات دراماتيكية في سوريا خارج الحسابات الروسية والأميركية. واذا كان الخطأ في الحسابات والتقديرات يقود الى أفعال وردود في تصعيد غير محسوب، فان اللعبة الممسوكة بكل أنواعها والفصول في سوريا محكومة بقاعدة دقيقة: لا شيء اسمه حرب اقليمية غير محسوبة بل حرب محسوبة جيدا.

والحروب لا تدور فقط في الميادين وعلى الجبهات. فهي تدار بالسياسة حتى في غرف العمليات. ومن الصعب القراءة في المسار الطويل لحرب سوريا من دون رؤية الاتفاقات والصفقات السياسية التي تحكّمت بالانتصارات والهزائم في معارك أساسية. حتى اسقاط طائرة سوخوي – ٢٥ بصاروخ ستنغر أميركي محمول على الكتف، فان كثيرين أعادوا قراءته في ضوء إسقاط طائرة إف ١٦ اسرائيلية أميركية الصنع بصاروخ سام روسي أطلقه سوريون.

شيء من صدام أو تبادل رسائل بالواسطة. وشيء من تحضير المسرح لتبادل الأرباح بين الكبار وتوزيع الخسائر على الصغار وان كانوا في عداد القوى الاقليمية. فلا اسرائيل تقصف في سوريا من دون تنسيق مع الروس. ولا ايران تقاتل في سوريا من أجل النظام وحده، وتجهل ان فتح جبهة جديدة في الجولان مفتوحة على الجبهة في الجنوب اللبناني هو قرار يصطدم بروسيا وأميركا واسرائيل.

والامتحان العملي لتغيير قواعد اللعبة يتجاوز اسقاط طائرة الى ما بعد الاسقاط.