IMLebanon

الحوار سيرة الرئيس الحريري للخروج من الأزمات  

 

يطوى عام ويطل عام جديد، يحمل في طياته موروثات العام الماضي بايجابياته وسلبياته التي طفت على السطح خلال الأيام الأخيرة الماضية، نتيجة تمسك الأطراف المعنية بمواقفه، ما جعل لبنان يدخل عامه الجديد مأزوماً وليس في الأفق القريب ما يؤشر سوى عن مساعٍ حميدة، ليس من المؤكد ان تؤتي ثمارها، وتنهي فعلاً من فصول الصراع بين الرئاستين الأولى والثانية حول مسألة مرسوم الاقدمية لضباط دورة 1994 الذي غاب عنه توقيع وزير المال علي حسن خليل..

 

يتحدث البعض عن دور لـ»حزب الله«، لم يظهر الى العلن بعد، ساعياً الى انهاء هذه الأزمة بين بعبدا وعين التينة.. في وقت خرج رئيس الحكومة سعد الحريري عن صمته داعياً الى وجوب وضع الخلاف بشأن مرسوم الاقدمية في »مكانه الصحيح..« خصوصاً وان المسألة لا تستأهل كل هذا الضجيج المأزوم، في »بلد يعاني من مشكلات عدة..«.

لقد تعاطى الرئيس الحريري، الذي وقع الى جانب رئيس الجمهورية المرسوم إياه، بموضوعية لافتة، ويقر بوجود وجهات نظر متعددة، قانونية ودستورية.. كما ان هناك حلولاً في المقابل »شرط ان يتم وضع المشكلة في اطارها الصحيح وعدم تضخيمها أكثر مما هي عليه..« ليخلص الى القول ان »تجارب اللبنانيين مع الخلافات السياسية تؤكد ان السبيل الوحيد لحلها يكون في النهاية بالجلوس حول طاولة واحدة والتفاهم على ادارة البلد من دون وضع العصي في الدواليب«؟؟

يتمسك الرئيس الحريري بالحوار مادة أساسية، تكاد تكون وحيدة مع الافرقاء السياسيين كافة، خصوصاً أكثر، مع أولئك الذين يفترق عنهم في العديد من الملفات والقضايا الداخلية والخارجية، السياسية وغير السياسية.. وهو لم يقفل أبواب دارته ومكاتبه في وجه أي أحد، وهو على استعداد كامل للقاء أي من القيادات السياسية، شرط ألا يكون ذلك مجرد إضاعة للوقت و»تصريف أعمال«، على ما يقول مصدر قيادي في »تيار المستقبل«، خصوصاً وأن المرحلة التي يمر بها لبنان والمنطقة العربية عموماً، بالغة الدقة، بل والخطورة، ولا تتحمل انصاف الحلول واللعب على الكلمات، ولا بد من ان يعي الجميع عمق المسؤوليات الملقاة على عاتقهم!!!

 

ليس من شك في ان عطلة الميلاد ورأس السنة، قد تكونان فرصة أمام الجميع، والجميع يتطلعون الى السنة الجديدة، لتكون امتداداً لسابقتها من ناحية الانجازات وتعوض النواقص والسقطات السياسية، خصوصاً وأن لبنان على أبواب الانتخابات النيابية في أيار المقبل، من دون ان يظهر على الخريطة أي جديد يذكر على مستوى التحالفات..

«المستقبل» و«القوات» قطيعة أم حوار؟
وفي السياق يتساءل عديدون، وبكثير من الرغبة في الحصول على اجابات واضحة وصريحة، عن سر أحجام الرئيس الحريري – أقله حتى الآن – عن فتح قنوات الحوار المباشر مع »القوات اللبنانية« بعدما تدهورت العلاقات بين »المستقبل« و»القوات« على خلفية استقالة الرئيس الحريري (قبل نحو شهرين) وما رافقها من سيناريوات وأسئلة وتساؤلات وضعت »القوات« في موقع حرج للغاية، تجلى بشبه القطيعة بين الفريقين المفترض أنهما »حليفين«..

لا ينكر عديدون، في »المستقبل« وفي »القوات« ان اعادة العلاقات بين الفريقين الى سابق عهدها موقوفة على جملة اعتبارات.. من بينها ايضاحات ينتظرها »المستقبل« من معراب.. وفي المقابل، فإن قيادات في »القوات« ترى ان عودة حرارة الحياة الى خط العلاقات بين »بيت الوسط« و»معراب«، مرتبط بلقاء يجمع الرئيس الحريري وجعجع، وهي مسألة لم تؤخذ بعد جدياً، ولم توضع على سكة الحل، خصوصاً وإن اللقاء يفترض الاعداد له مسبقاً وبتأن، ويتضمن »مراجعة نقدية« للعلاقات وما شابها، وايضاحات تخلو من الغموض والالتباس والاجتهاد بكل ما يتعلق باستقالة الرئيس الحريري، وما قبلها وما بعدها، وصولاً الى الرجوع عنها وما أعقبها..

 

لا يتردد قياديون في »القوات« باتهام قياديين في »المستقبل« بشن »حملات تجن ضدنا..« وهم ينتظرون مبادرة »مستقبلية« توضح حقيقة ما جري، خصوصاً وأن الرغبة في اعادة التواصل متوافرة لدى الغالبية في كلا الفريقين، بهدف اعادة العلاقات الى مجاريها الطبيعية..

لقد قالها الرئيس الحريري، وبالفم الملآن، وبعيداً من أي التباس او غموض، »ان الحوار يبقى السبيل الوحيد (للخروج من الازمات) مهما كانت خلافاتنا السياسية، وان هذا البلد لا يمكن ان يعيش من دون حوار.. نستطيع جميعاً ان نتكبر على بعضنا البعض، ونتحدى بعضنا البعض، ونصرخ على بعضنا ونحارب بعضنا البعض، ولكن في النهاية، الوطن هو من سيدفع الثمن..« يبقى الحوار السبيل الوحيد.. ومن دون الحوار أين سيكون البلد؟

يتطلع الرئيس الحريري الى المستقبل، ويدرك تماماً ما عليه ان يفعله، وهو يعرف تماماً كيف يميز بين »التكتيك« و»الاستراتيجيا« في مواجهة التحديات القائمة، كما ولتأسيس دولة تنعم بكل أسس وقواعد الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي والاجتماعي.. وتأسيساً على هذا، تجاوز رئيس الحكومة اشكالية العلاقة مع »حزب الله« بفعل تدخلاته الخارجية والعديد من مواقفه التي أوقعت اذية في العلاقات مع العديد من الدول العربية، وتحديداً الخليجية منها.. ليس ضعفاً ولا تهرباً من مسؤولية، بل ادراكاً لأهمية »النأي بالنفس« ليبقى لبنان قادراً، ولو بالحد الأدنى، الوقوف على رجليه؟!